وَلاَ مُثْخَنَهُمْ وَأَسِيرَهُمْ، وَلاَ يُطْلَقُ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوِ امْرَأَةً حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَيَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال الشافعي: ولأن الله تعالى أمر بقتالهم لا بقتلهم، وإنما يقال: قاتلوا لمن يقاتل، ويقال للمنهزم: اقتلوا لا قاتلوا، وكذلك الحكم فيمن ألقى السلاح.
وانهزام الجند: أن يتبددوا وتبطل شوكتهم.
فول ولوا مجتمعين تحت راية زعيمهم .. لم ينكف عنهم، بل يطلبهم حتى يطيعوا، فلو بطلت قوة واحد بتخلفه عنهم .. لم يتبع.
ومن ولى متحرفًا لقتال .. اتبع، وكذا متحيزا إلى فئة قريبة، قيل: أو بعيدة.
قال: (ولا مثخنهم وأسيرهم) أي: لا يقتل مثخنهم، وهو- بفتح الخاء-: المثقل بالجراح، ولا يقتل أسيرهم؛ للخبر المذكور، وجوز أبو حنيفة قتلهما صبرًا.
فلو قتل عادل أسيرهم أو ذفف على جريحهم .. ففي وجوب القصاص وجهان:
أصحهما في زوائد (الروضة) لا قصاص، ونقله في (البحر) عن النص.
ولا يجوز قتل من كف عن قتال منهم إذا وقف معهم في صفهم .. لأنه كاف شره كالأسير، وفي وجه: يجوز؛ لأنه رد لهم.
وقتل رجل محمد بن طلحة حين كان واقفًا مع أهل الجمل، فلم يمنعه علي ولا طالب بديته.
واستثنى بعضهم من ذلك: ما إذا أيس الإمام من صلاحهم لتمكن الضلالة فيهم وخضي عودهم عليه بشر، قال: فيجوز في هذه الحالة أن يتبع مدبرهم ويذفف على جريحهم استئصالًا لهم، كما فعل علي رضي الله عنه بالخوارج، وكذلك المهلب بن أبي صفرة حين قاتلهم في ولاية عبد الملك بن مروان.
قال: (ولا يطلق) أي: أسيرهم (وإن كان صبيًا أو امرأة حتى تنقضي الحرب ويتفرق جمعهم)؛ لينكف شرهم، وذلك واجب إلى انقضاه الحرب، وظاهر عبارة الكتاب في الصبي والمرأة: استمرار حبسهم إلى أن يتفرق جمعهم.