فَإِنَ اسْتَمْهَلُوا .. اجْتَهَدَ وَفَعَلَ مَا رَأَىهُ صَوَابًا. وَلاَ يُقَاتِلُ مُدْبِرَهُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثم هذا القتال واجب- قال الماوردي- بخمس شروط:
أحدها: أن يتعرضوا لحريم أهل العدل أو لإفساد نسلهم.
والثاني: أن يتعطل جهاد المشركين بهم.
والثالث: أن يأخذوا من حقوق بيت المال ما ليس لهم.
والرابع: أن يمتنعوا من دفع ما وجب عليهم.
والخامس: أن يتظاهروا على خلع الإمام الذي انعقدت بيعته.
فإن انفردوا عن الجماعة ولا منعوا حقًا ولا تعدوا على الإمام .. جاز قتالهم لأجل تفريق الجماعة.
قال: (فإن استمهلوا .. اجتهد وفعل ما رآه صوابًا)، فإن ظهر له أنهم عازمون على الطاعة وأنهم ينتظرون كشف الشبهة .. أمهلهم ليتضح لهم الحق.
وإ، ظهر له أنهم يحتالون لاجتماع عساكرهم وانتظار مددهم .. لم يمهلهم إن كان في عسكره قوة، وإن سألوا ترك القتال أبدًا .. لم يجبهم.
وظاهر عبارة المصنف: أن هذا الإمهال لا يتقدر، بل يرجع إلى ما يراه الإمام.
وفي (التهذيب) يوم أو يومين، وفي (المهذب) ثلاثة أيام.
وفي (العمدة) للفوراني: إن رجا توبتهم ورجوعهم .. انتظرهم شهرًا أو شهرين، وكذلك إن رأى في أهل العدل ضعفًا.
قال: (ولا يقاتل مدبرهم) إذا كان غير متحرف لقتال أو متحيزًا إلى فئة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لابن مسعود: (يا ابن أم عبد؛ ما حكم من بغى من أمتى؟) قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (لا يتبع مدبرهم، ولا يجهز على جريحهم، ولا يقتل أسيرهم) رواه الحاكم [2/ 155] والبيهقي [8/ 182].
ودخل الحسن بن علي على مروان فقال: ما رأيت أكرم من أبيك، ما إن ولينا ظهورنا يوم الجمل حتى تادى مناديه: أن لا يتبع مدبر ولا يذفف على جريح.