وَعَلَى القَولَينِ لِلوَليِّ عَفوٌ عَنِ الدِّيَةِ بِغَيرِ رِضَا الجَانِي ,وَعَلَى الأَوَّلِ لَو أَطلَقَ العَفوَ .. فَالمَذهَبُ: لاَ دِيَةَ,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فخفف الله عن هذه الأمة وخيّرها بين الأمرين؛ لما في الإلزام بأحدهما من المشقة.
قال: (وعلى القولين للولي عفو عن الدية بغير رضا الجاني)؛ لحديث أبي شريح , ولأنه محكوم عليه فلا يحتاج إلى رضاه ,كما لا يشترط رضا المحال عليه والمضمون.
وقال أبو حنيفة: لا يعدل إلى المال إلا برضا الجاني , وإذا مات الجاني .. سقطت الدية.
وحكي عن القديم قول مثله ,وعن مالك روايتان: أشهرهما: مساعدة أبي حنيفة.
والثانية: تخيير الولي.
وعلم من كلامه: أنه إذا عفا بعض المستحقين .. سقط القصاص وإن لم يرض الاَخرون , واحتج له بما روى البيهقي عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما ولا مخالف لهما في ذلك فكان إجماعًا , وبأن القصاص لا يتجزأ , ويغلّب جانب السقوط؛ لحقن الدماء , وكذلك لو عفا عن عضو من أعضاء الجاني .. سقط القصاص كله , كما أن تطليق بعض المرأة تطليق كلها , وكذا لو أقت .. تأبد.
قال: (وعلى الأول لو أطلق العفو .. فالمذهب: لا دية) لأن القتل لم يوجبها على هذا القول , والعفو إسقاط ثابت لا إثبات معدوم.
والثاني – واختاره المزني -: تجب لقوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} أي: اتباع بالمال , وذلك يشعر بوجوب الدية , والأولون حملوا الاَية على ما إذا عفا على الدية.
وموضع الخلاف: إذا أمكن ثبوت المال.
فإن لم يمكن كما إذا قتل أحد عبدي الرجل عبده الاَخر .. فإن للسيد أن يقتص وله
أن يعفو ولا يثبت له على عبده مال , فإن أعتقه .. لم يسقط القصاص , فلو عفا بعد العتق مطلقًا .. لم يثبت المال بلا خلاف؛ لأن القتل لم يثبته ولا يخرج على الخلاف