وَلَا يُخلَّى بِكَفِيلٍ, وَليَتَّفِقُوا عَلَى مُستَوفٍ, وَإلَّا .. فَقُرعًةٌ يَدخُلُهَا العَاجِزُ وَيَستَنِيبُ, .....
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وعن الشيخ أبي علي: أن القاتل لا يحبس؛ لأنه عقوبة زائدة, وحمل الحبس في كلام الشافعي على التوقف للانتظار, والصحيح الذي عليه الجمهور: الأول؛ لأن حبسه أهون عليه من تعجيل القتل, ولا طريق إلى حفظ الحق سواه.
قال (ولا يخلى بكفيل)؛ لأنه قد يهرب فيفوت الحق, ولذلك يحبس إلى أن يقدم الغائب, كما لو وجد الحاكم مال ميت مغصوبًا والوارث غائب .. فإنه يأخذه؛ حفظًا لحق الميت.
وذكر ابن الصباغ: أنه لا يحبس في قصاص الطرف إلى قدوم الغائب؛ لأن الحاكم لا ولاية له على الغائب المكلف, كما لا يأخذ ماله المغصوب.
وفي كلام الإمام وغيره ما ينازع فيه, ويشعر بأنه يأخذ مال الغائب ويحفظه, وأنه يحبس في قصاص الطرف.
قال: (وليتفقوا على مستوف)؛ يعني: إذا كان القصاص لجماعة حضور كاملين .. لم يكن لهم أن يجمعوا على مباشرة قتله؛ لأن فيه تعذيبًا, ولكن يتفقون على واحد يستوفيه, أو يوكلون أجنبيًا.
قال: (وإلا .. فقرعة) إذا لم يحصل اتفاق, بل قال كل واحد: أنا أستوفيه, فيقطع تنازعهم بها, وهذا الإقراع واجب كما صرح به الروياني, فمن خرجت له القرعة تولاه, ولكن بإذن الباقين, فإن منعه غيره .. امتنع؛ لأن حقه ن الاستيفاء لا يسقط بخروجها لغيره, بدليل صحة إبرائه منه, والعفو على مال بخلاف تنازع الأولياء في الترويج إذا خرجت قرعة واحد؛ فإنه يزوج ولا يحتاج إلى إذن الباقين؛ لأن القصاص مبني على الإسقاط, والنكاح لا يجوز تأخيره.
وفي وجه: لا حاجة بعد خروج القرعة إلى إذن الباقين؛ لتظهر فائدة القرعة.
قال: (يدخلها العاجز) كالشيخ والمرأة (ويستنيب)؛ لأنه صاحب حق, وهذا صححه البغوي.