وَيُنتَظَرُ غَائِبُهُم وَكَمَالُ صَبِيِّهِم ومَجنُونِهِم,

ـــــــــــــــــــــــــــــ

والثاني: يستحقه من يرث بنسب دون سبب, فلا يثبت للزوج والمعتق؛ لأن النكاح والملك يزولان بالموت فيقدم المعنى الذي لأجله شرع القصاص.

هذا إذا كان له وارث خاص, فإن لم يكن .. فهل للسلطان أن يقتص من قاتله أو يتعين أخذ الدية؟ فيه قولان: أصحهما: أن له أن يقتص من القاتل وله أن يعفو عن الدية على ما يراه مصلحة؛ لما روى البيهقي [8/ 61]: (أن أبا لؤلؤة لما طعن عمر .. وثب عبيد الله بن عمر على الهرمزان فقتله, فقيل لعمر: إن عبيد الله ابنك قتل الهرمزان, قال: ولم قتله؟ قالوا: قال: إنه قتل أبي, قيل له: وكيف ذلك؟ قال: رأيته قبل ذلك مستخليًا بأبي لؤلؤة, وهو الذي أمره بقتله, قال عمر: ما لأدري ما هذا؟ انظروا إذا أنا مت؛ فاسألوا عبيد الله البينة على الهرمزان: أهو قتلني؟ فإن أقام البينة .. فدمه ب\مي, وإن لم يقم البينة .. فأقيدوا عبيد الله من الهرمزان.

فلما ولي عثمان .. قيل له: ألا تمضي وصية عمر رضي الله عنه في عبيد الله؟ قال: ومن ولي الهرمزان؟ قالوا: أنت يا أمير المؤمنين, قال: قد عفوت عن عبيد الله بن عمر).

ولو كان الوارث لا يستوعب القصاص كبنت أو جدة أو أخ لأم, فإن قلنا: للسلطان الاستيفاء إذا لم يكن وارث .. استوفاه مع صاحب الفرض, وإلا .. فالرجوع إلى الدية.

قال: (وينتظر غائبهم وكمال صبيهم ومجنونهم)؛ لأن اقصاص للتشفي فحقه التفويض إلى خيرة المستحق, ولا يحصل ذلك باستيفاء الولي.

وقال أبو حنيفة ومالك: لا ينتظر بلوغ الصبي ولا إفاقة المجنون؛ لأن الحسن بن علي قتل ابن ملجم بأبيه وكان لعلي أولاد صغار, وقيس عليه المجنون.

وأجاب أصحابنا بأنه قتله حدًا لكفره لا قصاصًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عنه: أنه أشقى الآخرين, ولهذا حكى في (المهذب) في (باب البغاة)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015