أَوْ فِي نَارٍ يُمْكِنُهُ الْخَلاَصُ فَمَكَثَ .. فَفِي الدِّيَةِ الْقَوْلاَنِ. وَلاَ قِصَاصَ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَفِي النَّارِ وَجْهٌ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

والثاني: تجب الدية؛ لأن الإلقاء مهلك والسباحة حيلة دافعة، فأشبه ما لو امتنع من معالجة الجرح، وقيل: تجب قطعًا، وقيل: لا قطعًا.

ولو كتفه وطرحه على الساحل فزاد الماء وأغرقه، فإن كان في موضع تعلم زيادة الماء فيه كالمد بالبصرة .. فهو عمد موجب للقصاص، وإن كان قد يزيد وقد لا يزيد .. فهو شبه عمد، وإن كان بحيث لا تتوقع الزيادة فاتفق سيب نادر .. فهو خطأ محض.

قال: (أو في نار يمكنه الخلاص فمكث .. ففي الدية قولان)، هما منسوبان إلى رواية الربيع، وأصحهما: المنع، كما تقدم في مسألة الماء.

وقيل في مسألة الماء: لا تجب قطعًا، والقولان في النار؛ لأن النار متلفة لا يقدم الناس عليها مختارين، بخلاف الماء؛ فغنه قد يقدم عليه لسباحة أو تبرد أو تنظيف، وعلى الأصح: يجب على الملقي أرش ما عملت فيه النار من حين إلقائه إلى أن أمكنه الخروج.

قال الجيلي: فإن لم تكن معرفة قدر الأرش .. لم يلزمه إلا التعزير.

قال ابن الرفعة: ولو قيل: يلزمه المحقق .. كان أولى.

قال: (ولا قصاص في الصورتين) أي: في صورتي الإلقاء في الماء والنار؛ لأنه الذي قتل نفسه (وفي النار وجه)؛ لأنها تؤثر وتقرح بأول المس، بخلاف ملاقاة الماء، على أن في الماء قولًا أو وجهًا أيضًا بالوجوب.

واحترز بقوله: (يمكنه الخلاص) عما إذا لم يمكنه، لعظمها، أو كونها في وهدة، أو كونه مكتوفًا أو زمنًا أو صغيرًا فمات منها، أو خرج منها متأثرًا متألمًا وبقي ضعيفًا ضَمِنًا إلى أن مات؛ فعليه القصاص.

ولو قال الملقي: كان يمكنه التخلص مما ألقيته فيه من ماء أو نار، وكذبه الولي .. فالأصح: تصديق الوارث؛ لأن الظاهر: أنه لو أمكنه الخروج .. لخرج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015