وَلَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلاَجَ جُرْحٍ مُهْلِكٍ فَمَاتَ .. وَجَبَ الْقِصَاصُ. وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ لاَ يُعَدُّ مُغْرِقًا كَمُنْبَسِطٍ فَمَكَثَ مُضْطَجِعًا حَتَّى هَلَك .. فَهَدَرٌ، أَوْ مُغْرِقٍ لاَ يَخْلُصُ مِنْهُ إِلاَّ بِسِبَاحَةٍ: فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا أَوْ كَانَ مَكْتُوفًا أَوْ زَمِنًا .. فَعَمْدٌ، وَإِنْ مَنَعَ مِنْهَا عَارِضٌ كَرِيحٍ وَمَوْجٍ .. فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ فَتَرَكَهَا .. فَلا دِيَةَ فِي الأَظْهَرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكان ابن بقيلة معمَّرًا، بلغ ثلاث مئة وخمسين سنة، وسيأتي ذكره قبيل (باب الجزية).
قال: (ولو ترك المجروح علاج جرح مهلك فمات .. وجب القصاص) أي: على الجارح بلا خلاف؛ لأن البرء غير موثوق به والجناية في نفسها مهلكة، وليس كما لو حبسه في بيت والطعام حاضر فلم يأكل حتى مات؛ لأن نفس الحبس غير مهلك.
قال: (ولو ألقاه في ماء لا يعد مغرقًا كمنبسط فمكث مضطجعًا حتى هلك .. فهدر)؛ لأنه هلك باستدامة منسوبة إليه دون ملقيه، فأشبه ما لو خرج ثم عاد، وسواء كان الماء جاريًا أو راكدًا.
وقوله: (مضطجعًا) ليس بقيد؛ فإن المستلقي والمنكب والجالس كذلك ولم يفرقوا في هذا القسم بين المميز وغيره، ولا بين القادر على الحركة وغيره، والظاهر: أن المراد: المميز والقادر على الخروج منه؛ فإنهم صرحوا بأنه لو كتفه وألقاه على هيئة لا يمكنه الخلاص .. وجب القود.
قال: (أو مغرق لا يخلص منه إلا بسباحة: فإن لم يحسنها أو كان مكتوفًا أو زمنًا .. فعمد)؛ لأنه مهلك لمثله.
و (السباحة): العوم، قال الجوهري: يقال: إنه لا يُنسى.
قال: (وإن منع منها عارض كريح وموج .. فشبه عمد)، فتجب ديته ولا قود.
قال: (وإن أمكنته فتركها .. فلا دية في الأظهر)؛ لأنه بترك السباحة متلف لنفسه، فأشبه إعراض المحبوس عن أكل الطعام.