وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا إلاَّ بِفَرْضِ أَوْ إذْنِهِ فِي افْترَاضٍ لغَيْبَةٍ أَوْ مَنْعٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وجبت لدفع الحاجة الناجزة كما سبق, لكن يستثنى صورتان:
إحداهما: إذا نفى الولد ثم استلحقه .. فإن أمه ترجع عليه بالنفقة.
والثانية: نفقة الحمل لا تسقط بمضى الزمان وإن جعلنا النفقة له؛ لأن الزوجة لما كانت تستوفيها .. ألحقت بنفقتها.
قال: (ولا تصير دينًا)؛لأنها من باب المواساة, فإذا اندفعت الحاجة من غير جهة القريب .. حصل المقصود. ولا يثبت في ذمة القريب سيء وإن تعدى بامتناع الإنفاق عليه.
قال الإمام: ومن ثمرة ذلك: أنها لا يجب عليه تسليم النفقة له, فلو قال: كل معي .. وإن أعطاه نفقة أو كسوة .. لم يجز أن يملكها لغيره.
قال: (إلا بفرض قاض أو إذنه في اقتراض لغيبة أو منع)؛ فإنها تصير دينًا بذلك, كذا في (الوسيط) و (الوجيز) وكتب الرافعي والمصنف, ولم يتعرض له غير هؤلاء من الأصحاب, ولم يحكه ابن الرفعة مع كثرة اطلاعه إلا عن الرافعي
وقال المتولي: لا تستثنى إلا مسألة الاستقراض, وكذا القاضي أبو الطيب في (شرح الفروع) والجرجاني والبغوي والروياني.
وممن صرح بالمنع مع فرض القاضي ابن القاص والقاضي أبو الطيب وأبو حاتم القزويني والشيخ أبو إسحاق في (التذكرة في الخلاف) والشيخ نصر المقدسي والمحاملي ومحمد بن يحيى والبندنيجي.
وعبارة (الوجيز): لا تستقر إلا بفرض قاض, وتبعه على ذلك في (المحرر) و (المنهاج) , فيحتمل أن يكون بالقاف؛ أي: اقتراضه؛ لأن نفقة القريب إمتاع, وما لا تمليك فيه يستحيل مصيره دينًا في الذمة, وأيضًا الزمن الماضي قد حببت نفسه فيه فلا معنى لإيجاب نفقته.
قال بعض الشارحين: والحق أن فرض القاضي بمجرده لا يؤثر عندنا بلا خلاف, ومن القضاة من يلزم بمقتضاه, وهو غلط, بل أكثر الفروض يكتبها الشهود: فرض فلان على نفسه لولده كذا, من غير حاكم ولا إذن من الفارض باستدانة عليه وإنفاق