وَأَنْ يَخَافَ زِنَاً،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

والثاني: لا يحل له نكاح الأمة؛ لأنه لا يعد بذلك فاقدًا، وتوسط الإمام والغزالي فقالا: إن كانت الزيادة يعد بذلها إسرافًا .. جاز، وإلا .. فلا.

ولو كان له مال غائب، فإن خاف العنت في الحال أو لحقه مشقة ظاهرة في الخروج إليه .. فله نكاح الأمة، وإلا .. فلا، كذا قاله الغزالي، وأطلق الرافعي القول بأن له ذلك كما له أخذ الزكاة.

ولو كان قادرًا بوجوب الإعفاف على ولده .. فالصحيح في (الروضة) هنا وفي (باب الخيار) في (الشرح): لا يتزوج الأمة، وإن كان لا يستطيع إلا ببيع مسكنه وخادمه .. فالأصح: جواز نكاح الأمة.

ولو أقرض مهرها .. لم يجب القبول على المذهب؛ لاحتمال المطالبة في الحال، وكذا لو وهب له مال أو أمة .. لم يلزمه القبول، وحلت له الأمة.

قال: (وأن يخاف زنًا)؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِىَ الْعَنَتَ مِنكُمْ} والعنت: المشقة الشديدة، والمراد به هنا: الزنا؛ لأنه سبب المشقة والهلاك بالحد في الدنيا والعقوبة في الآخرة، وليس المراد بالخوف منه أن يغلب على الظن وقوعه، بل أن يتوقع لا على سبيل الندور.

قال الإمام: إنما يتحقق خوف العنت بغلبة الشهوة وضعف عصام التقوى، فإن غلبت الشهوة ورقت التقوى .. فخائف، وإن ضعفت وله دين أو حياء يمنعه .. فلا، وإن غلبت شهوته وقوي تقواه .. ففيه احتمالان للإمام: أصحهما: لا يجوز نكاح الأمة، وبه قطع الغزالي؛ لأنه لا يخاف الوقوع في الزنا، وإن كان ترك الوقاع يجر ضررًا أو مرضًا .. فله نكاح الأمة.

ونكر المصنف (الزنا)؛ إعلامًا بأن المرعي فيه عموم العنت لا خصوصه، فلو خاف الزنا بأمة لقوة ميله إليها وحبه لها .. فليس له أن يتزوج بها إذا كان واجدًا للطول، خلافًا لما ذهب إليه بعض علماء المدينة؛ لأن العشق لا معنى لاعتباره هنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015