وَيَجُوزُ: أَنْ يَلْتَقِطَ عَبْدًا لاَ يُمَيِّزُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرع:
ترك دابة أو بعيرًا كسيرًا في الصحراء لعجزه عن السير، وعجز المالك عن القيام به، فمر به رجل فأحياه بالقيام عليه ومراعاته حتى عاد إلى حاله في السير والعمل .. حكى الماوردي والروياني عن الليث بن سعد والحسن بن صالح أنه يكون لمحييه دون تاركه، إلا أن يكون المالك تركه ليعود إليه فيكون أحق به.
وقال أحمد وابن إسحاق: المحيي أحق به بكل حال؛ لما روى أبو داوود مرسلاً عن عامر الشعبي: (من وجد دابة قد عجز عنها أهلها وسيبوها فأخذها فأحياها .. فهي له) ومرفوعًا: (من ترك دابة بمهلكة فأحياها رجل .. فهي لمن أحياها).
وقال مالك هو باق على ملك مالكه، ولكن لآخذه الرجوع بما أنفق، ومذهب الشافعي: أنه على ملك تاركه، وليس لمحييه الرجوع بنفقته كما لو عالج عبدًا أشرف على الهلاك حتى شفي، أو أخرج متاعًا غرق في البحر.
وحكى عن الحسن البصري أن من أخرج متاعًا غرق في البحر ملكه على صاحبه، وهذا شاذ مخالف للإجماع.
ولو وجد في البحر قطعة عنبر في الموضع الذي يجوز أن يوجد فيه .. كانت ملكًا لواجدها؛ لأن أصلها مباح، ولو وجدها في البر .. كانت لقطة، إلا أن تكون بقعة من الساحل قد نضب الماء عنها فتكون لواجدها، وهكذا لو صيدت سمكة في البحر فوجد في جوفها قطعة عنبر .. كانت ملكًا للصائد إذا كان بحرًا يمكن أن يوجد فيه العنبر، أما الأنهار وما لا يكون معدنًا للعنبر من البحار .. فإنه يكون لقطة، وهكذا الياقوت والمرجان، إلا أن يكون مصنوعًا أو مثقوبًا فيكون لقطة، وأما اللؤلؤ .. فلا يكون في البحر إلا في صدف، فإن وجد فيه .. كان ملكًا لواجده، وإن وجد خارج صدفه .. كان لقطة.
قال: (ويجوز: أن يلتقط عبدًا لا يميز)؛ لأنه يضيع بتركه فأشبه الشاة، بل قد