فَإِنْ لَمْ يُثِبْهُ .. فَلَهُ الرُّجُوعُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قيل يثيبه إلى أن يرضى الواهب؛ لما روى الترمذي [3945] وأحمد [2/ 292] وابن حبان [6382] عن أبي هريرة قال: أهدى رجل من بني فزارة للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة .. فعوضه منها ست بكرات فسخطه، فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: (إن رجالاً من العرب يهدي أحدهم الهدية فأعوضه منها بقدر ما عندي ثم يسخطه، وايم الله! لا أقبل بعد مقامي ها من رجل من العرب هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي) زاد أبو داوود [3531]: (أو مهاجري).
والثالث: ما يعد ثوابًا لمثله عادة، وصححه صاحب (الإشراف) والفارقي وابن أبي عصرون.
والرابع: ما يتمول وإن قل؛ لوقوع اسم الثواب عليه، وبه قال أبو حنيفة، فإذا أتى به أكثر منه فهل يقع الجميع ثوابًا أو ثوابًا وتبرعًا؟ خرجه في (المطلب) على تطويل الركوع ونظائره، والصواب: أن الخلاف أقوال كما صححه في (تنقيح الوسيط)، قال: وكذا حكاه جمهور العراقيين، وهم أعرف بالنصوص.
قال: (فإن لم يثبه .. فله الرجوع)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من وهب هبة .. فهو أحق بها ما لم يثب منها) صححه الحاكم [2/ 52]، ولأنه لم يحصل له ما طمع فيه، ويكون ذلك قطعًا للملك من حينه لا من أصله كما تقدم في رجوع الوالد في هبة ولده.
وعلى هذا: لا تلزم المتهب الإثابة، بل إن أراد .. أثاب واستقر ملكه، وإن أراد .. رد، فإن لم يثب .. فللواهب أن يرجع فيما وهب، وزوائده المتصلة للواهب في الأصح، والمنفصلة للمتهب، وقيل: له إمساكه وبذل قيمته بلا زيادة.
كل هذا إذا كان الموهوب باقيًا، فإن تلف .. ضمن بالقيمة في الأصح، يجريان في تغريمه أرش النقص، فلو أراد الواهب الرجوع والمتهب الإثابة .. أجيب المتهب، صرح به الدارمي، فإن تمانعا .. أجبر المتهب على رد الهبة أو الإثابة.