وهنا وقفة نستمع فيها إلى حديث يعتبر -في نظري- من أهم ما روته عائشة أم المؤمنين من أحاديث. ويروي هذا الحديث عنها مسروق قال: كنت متكئًا عند عائشة فقالت: ثلاث من تكلم بواحدة منهن، فقد أعظم علي الله الفرية. قلت ما هن؟ قالت: من زعم أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية.

قال: وكنت متكئا فجلست فقلت: يا أم المؤمنين، أنظريني ولا تعجليني.

ألم يقل الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} 1، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} 2؟

فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إنما هو جبريل. لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين. رأيته منهبطًا من السماء سادًا عظم خلقه ما بين السماء والأرض".

فقالت: أو لم تسمع أن الله يقول: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الشورى: 51] .

قالت: ومن زعم أن رسول الله كتم شيئًا من كتاب الله، فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] .

قالت: ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد، فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاّ اللَّهُ} [النمل: 65] 3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015