شاعرة بليغاً وخطيباً فصيحاً وله جاه عظيم عند أمير المسلمين يوسف بن تاشفين حتى إنه ليعد نائبه في شمال المغرب والقطر الأندلسي بأجمعه. وقصده الشعراء ومدحوه بأبلغ القول مما يأتي بعضه في المنتخبات.

على أننا لا ننتهي من هذا الحديث حتى نسجل أن هذه الرعاية التي كان يحظى بها الأدباء الأندلسيون من الأمراء المرابطين، وكانت داعية لمداخلتهم لهم واختلاطهم بهم؛ قد أثرت في الأدب الأندلسي تأثيراً محسوساً فظهر بمظهر القوة والجزالة واختفت منه عناصر الضعف والفسولة التي كانت سائدة عليه أيام ملوك الطوائف. وانتحى الشعراء في شعرهم مناحي الجد والتوقر بدل ما كانوا منغمسين فيه من البطالة، والمجون، وذلك نتيجة لتشبعهم بروح الحفاظ الذي كان يسيطر على رجال الدولة وارتفاع معنويات أهل الأندلس عموماً بما آتاهم الله من نصر على عدة وهم بعد ما كانوا أصبحوا طعمة سائغة له. وقد سجل دوزي بغيظ هذه الظاهرة الجديدة التي طرأت على الأدب الأندلسي من جراء توجيه الأمراء المرابطين له، واعتبرها تدهوراً في حقه، في حين أننا نعتبرها انتعاشاً وبعثاً للأدب العربي الأصيل. وإلى القارئ مثالاً على ذلك هذه القصيدة التي يقولها الوزير ابن أرقم مدحاً للأمير عبدالله ابن مزدلي:

سريت والليل من مشراك في وهل ... مبرأ العزم من أين ومن كسل

وسرت في جحفل يهودي فوارسه ... سناك تحت الدجى والعارض الهطل

والبدر محتجب لم تدر أنجمه ... أغاب عن سرر أم غاب عن خجل

هوت أعاديك من سار يؤرقه ... ركض الجواد وحمل اللامة الفضل

إذ الملوك نيام في مضاجعهم ... مستحسنون بهاء الحلي والحلل

لله صومك براً يوم فطرهم ... وما توخيت من وجه ومن عمل

نحرت فيه الكماة الصيد محتسباً ... وحسب تغيرك نحر الشام والإبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015