ومقدمة ابن رشد والجواهر لابن شاس والنوادر والرسالة لابن أبي زيد وغير تلك من كتب الأقدمين، ومن أراد تدريس مختصر خليل فإنما يدرسه بشرح بهرام الكبير والموّاق والحطاب والشيخ على الأجهوري والخرشي الكبير لا غير. فهذه الشّروح الخمسة بها يدرس خليل مقصوراً عليها، وفيها كفاية، وما عداها من الشراح كلُّها ينبذ ولا يدرس به، ومن ترك الشراح المذكورين، واشتغل بالزرقاني وأمثاله من شراح خليل يكون كمن أهرق الماء واتبع السراب. وكذلك قراءة سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كالكلاعي وابن سيد الناس اليعمري، وكذا كتب النحو كالتسهيل والألفية وغيرهما من كتب هذا الفن، والبيان بالإيضاح والمطول، وكتب التصريف، وديوان الشعراء الستة، ومقامات الحريري، والقاموس ولسان العرب وأمثالها مما يعين على فهم كلام العرب لأنها وسيلة إلى فهم كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وناهيك بها نتيجة. ومن أراد علم الكلام فعقيدة أبن أبي زيد رضي الله عنه كافية شافية يستغني بها جميع المسلمين. وكذلك الفقهاء الذين يقرأون الأسْطرلاب وعلم الحساب فيأخذون حظهم من الأحباس لما في تلك من المنفعة العظيمة والفائدة الكبيرة لأوقات الصلاة والميراث، وعلى هذا يكون العمل إن شاء الله.
ومن أراد أن يخوض في علم الكلام والمنطق وعلوم الفلاسفة وكتب غلاة الصوفية وكتب القصص فليتعاط ذلك في داره مع أصحابه الذين لا يدرون بأنهم لا يدرون، ومن تعاطى ما ذكرنا في المساجد ونالته عقوبة فلا يلومن إلا نفسه، وهؤلاء الطلبة الذين يتعاطون العلوم التي نهينا عن قراءتها ما مرادهم بتعاطيها إلا الظهور والرياء والسمعة، وأن يضلوا طلبة البادية فإنهم يأتون من بلدهم بنيّة خالصة في التفقه في الدين وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحين يسمعونهم يدرسون هذه العلوم التي تنهينا عنها يظنون أنهم يحصلون على فائدة بها فيتركون مجالس التفقه في الدين واستماع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وإصلاح ألسنتهم بالعربية فيكون ذلك سبباً في ضلالهم.» اهـ. باختصار وتصرف يسير.
وبالتأمل في فصول هذا المنشور يظهر ما كان للمولى محمد بن عبدالله من النية الحسنة في إصلاح حالة التعليم مما لو استمر العمل به إلى الآن لكان له نتائج طيبه، لكن أبطله من بعده ولده مولاي سلمان لاختلاف وجهة نظره عما كان يرى