عالم صادق عادل مصلح، والآخر جاهل ظالم كاذب مفسد، ثم قُدِّر أنّ ذلك العالم العادل عوقب في الدنيا والآخرة، فأُذلّ في الدنيا، وقُهر، وأُهلك، وجُعل في الآخرة في جهنم، وذلك الظالم الكاذب الجاهل، أُكرم في الدنيا والآخرة، [و] 1 جُعل في الدرجات العلى، كان معلوماً بالاضطرار أنّ هذا نقيض الحكمة والعدل، وهو أعظم سفهاً وظلماً من تعذيب ماء البحر وماء العين2؛ فإن هذا غايته موت شخص أو النوع، وهذا أقل فساداً من إهلاك خيار الخلق وتعذيبهم، وإكرام شرار الخلق وإهانتهم.

الأشاعرة يجوزون على الله عقلاً أن يسوي بين الصادق والكاذب.. وأن يعذب المؤمنين ولكن بالسمع لا بالعقل

وإذا كان هذا أعظم مناقضة للحكمة والعدل من غيره، وتبيَّن بالبراهين اليقينية أن الربّ لا يجوز عليه خلاف الحكمة والعدل، عُلم بالاضطرار أن الرب سبحانه لا يسوي بين هؤلاء وهؤلاء، فضلاً عن أن يفضّل الأشرار على الأخيار، وهو سبحانه أنكر التسوية؛ فقال: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلهم كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحاتِ سَوَاء مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ [مَا يَحْكُمُونَ] 3} 4، وقال تعالى: {أَفَنَجْعَل المُسْلِمِينَ كَالمُجْرِمِينَ مَالَكُمْ كَيْفَ [تَحْكُمُونَ] 5} 6.

وقد جعل7 من جوّز أن الله لا ينصر رسوله والمؤمنين في الدنيا والآخرة،

ويعذبهم في الآخرة في جهنم، وأن الفراعنة8 يكرمهم في الدنيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015