قادراً على أن يهدي الإنسان الذي كان علقةً، ومضغةً إلى أنواع العلوم بأنواعٍ من الطرق إنعاماً عليه، وفي ذلك من بيان قدرته، وحكمته، ورحمته، ما فيه، [فكيف] 1 لا يقدر أن يعرفه صدق من أرسله إليه. وهذا أعظم النعم عليه، والإحسان إليه، والتعريف بهذا دون تعريف الإنسان ما عرفه به من أنواع العلوم؛ فإنّه إذا كان هداهم إلى أن يعلم بعضهم صدق رسول من أرسله إليه بشر مثله، بعلامات يأتي بها الرسول، وإن كان لم تتقدم مواطأة وموافقة بين المرسَل والمرسَل إليهم.

طرق الناس في دلالة المعجزة على صدق الرسول

فمن هدى عباده إلى أن يرسلوا رسولاً بعلامة، ويعلم المرسل إليها أنّها علامة تدلّ على صدقه قطعاً، فكيف لا يقدر هو أن يرسل رسولاً، ويجعل معه علامات يعرّف بها عباده أنّه قد أرسله. وهذا كمن جعل غيره قديراً، عليماً، حكيماً، فهو أولى أن يكون قديراً، عليماً، حكيماً، فمن جعل الناس يعلمون صدق رسول [يُرسله بعض خلقه بعلامات يعلم بها المرسل صدق رسوله] 2، فمن هدى العباد إلى هذا، فهو أقدر على أن يعلمهم صدق رسوله بعلامات يعرفون بها صدقه، وإن لم يكن قبل ذلك قد تقدم بينهم وبينه مواطأة3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015