ولما كان موضع التفرد هنا هو الصحابي، والصحابة كلهم عدول، وعبد الله بن عمرو بن العاص من مشاهير الفقهاء حفظاً وفقهاً.
تعين علينا دراسة الطريقين:
ولما كان قصدنا ههنا التيسير على طلبتنا وعدم التشعب اختصرنا أقوال أئمة الجرح والتعديل في الراوي على حكم الحافظ ابن حجر العسقلاني في المتن وذكرنا في الهامش بعض المصادر التي ترجمت للرجل، هذا إذا لم يتبين لنا خلاف حكم الحافظ ابن حجر، وإلا فإننا نتوسع من غير إسهاب -حتى لا يشوش الطالب- مرجحين ما يظهر لنا من حكم على الرجل.
ولابد من الإشارة إلى أن كتاب الحافظ (التقريب) يعد خلاصة أقوال أئمة الجرح والتعديل، ولكن الحافظ لم يقصد به الاستغناء عن كتب الجرح والتعديل الأخرى والاقتصار على كتابه، بل أعتقد أنه أشار بهذا الكتاب المختصر إلى عدم الاكتفاء به عن غيره، وإلا فما معنى قوله (ثقة قد يهم) أو (صدوق ربما وهم)؟ فهل في قوله: (يهم) والوهم جائز على كبار الأئمة.
قال الإمام الذهبي في ترجمة عبد العزيز بن مسلم القَسْمَلي، أبو زيد الخراساني عقب قول الإمام العقيلي:"في حديثه بعض الوهم" (?).قال الذهبي:"هذه الكلمة صادقة الوقوع على مثل مالك وشعبة، ثم ساق العقيلي له حديثاً واحداً محفوظا قد خالفه فيه من هو دونه في الحفظ" (?).
فحينما نجد مثل تلك الأحكام في الكاشف أو التقريب أو غيرهما من كتب المختصرات، هل ننزل رتبة الرجل مباشرة دون دراسة أم أن المصنف أراد أن ينبه بقوله ذاك إلى أن هذا الرجل قد يهم فتنبهوا لحديثه ولاسيما عند التفرد أو المخالفة؟ هذه مسألة تحتاج إلى بحث وتفصيل، وليس الموضع موضعها.