[3250] ومنه حديث أبي ريحانة- رضي الله عنه- (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عشر: عن الوشر والوشم ... الحديث). الوشر: أن تحدد المرأة أسنانها وترققها تشبها بحديثات الأسنان، وهي الواشرة. و (المؤشرة): التي تسأل أن يفعل بها ذلك. وقد استحقا اللعن على صنيعها لما في ذلك من التغرير، وتغيير خلق الله.
وفيه: (وعن مكامعة الرجل الرجل) المكامعة: المضاجعة، والكميع: الضجيع. وفيه: (لبس الخاتم إلا لذي سلطان).
قلت: قد ذهب إلى هذا الحديث بعض السلف، والأكثرون لم يروا به بأسا؛ لما في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس خاتما من ذهب ثم قام فنبذه، وقال: لا ألبسه) [وفيه: فنبذ] الناس خواتيمهم) وهذا يدل على أن الصحابة كانوا يلبسون الخواتيم. قال أبو جعفر الطحاوي: فإن قيل: كيف يحتج بهذا الحديث، وهو منسوخ. قلنا: إن الذي احتججنا به من الحديث ليس بمنسوخ، وإنما المنسوخ منه لبس خاتم الذهب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولغيره من أمته، ولما كان هو وغيره في ذلك سواء قبل النسخ، [فإن] النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمنعه النسخ عن التختم بالفضة، دل ان الحكم أول في التختم باق على حاله بعد ما نسخ من التختم بالذهب وأن حكم غيره بعد النسخ كحكمهم فيه قبل النسخ).
وهذا الذي قاله صحيح، غير أنه لا يحكم بكون الأمر ثابتا على ما كان عليه احتمال أن يكون حديث أبي ريحانة متأخرا فيقال إذاك: إن تختم من تختم من الصحابة، ومن بعدهم من التابعين، وأعلام الأمة ممن لم يكن بذي سلطان، قد دل على نقل الحكم على ما كان عليه من الإباحة.
قلت: وأرى الوجه فيه أن يحمل النهي على أنه كره التختم للزينة المحضة التي لا يشوبها أمر من باب المصلحة، ورأى ذلك لذي سلطان؛ لأنه يحتاج إليه في حفظ الأموال، [وجنس] الحقوق، وختم الكتب ونحوها. ويدخل في معناه من شاركه في معنى من تلك المعاني، واحتاج إليه لحفظ مال أو ضبط بضاعة أو صيانة أمانة أو نحو ذلك؛ لئلا يعطل شيء من الأحاديث التي وردت في هذا الباب، ولا يعلل بعضها ببعض، بل يسلك بها سبيل التوفيق.