[3042] ومنه حديث أم شريك - رضي الله عنه - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الوزغ وقال كان ينفخ على إبراهيم) الوزغ: الدويبة التي يقال لها: سام أبرص، والجمع وزغان وقيل: سمي وزغا لخفته وسرعة حركته، وقوله: (كان ينفخ على إبراهيم) ليس بتعليل للقتل، وإنما ورد مورد البيان لفساد ذلك الجنس وخبثه، وأنه أبلغ في ذلك مبلغ النهاية؛ وليدل ذلك على أنه من الدواب التي سخرت للشياطين، فتستعمله فيما يكاد يتأتى منه من الخبث والفساد حتى استعملته في النفخ على إبراهيم، أي: نفخ في النار التي ألقي إليها خليل الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما قال (على) تنبيها على أنه صنع ذلك إعانة على نبي الله.
وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - لما أحرق بيت المقدس كانت الأوزاخ تنفخه. يقال: نفخته ونفخت فيه.
قلت: ومما بلغني من خبث هذه الدويبة من ذوي الخبرة وأولي التجربة أنها شغفت بإفساد الطعام وإدخال المضرة فيه؛ بحيث يتوصل إلى ذلك بإلقاء خرئها فيه، وخرؤها من جملة السموم القتالة، فإن منعها مانع عن التفوق عليه ارتقت السقف، وألقت خرءها من الموضع الذي يحاذيه فيه. ولقد نعي إلى جماعة من أصدقائي هلكوا ببلاد الهند مهلك رجل واحد، فاستعملت خبرهم فحدثت أنهم اجتمعوا على جفنة فيها [رز بلبن] فألقت تلك الدويبة خرءها من عل إلى الجفنة، فأخذه بعضهم بالملعقة ورمي به، وأعاد الملعقة إلى الطعام من غير مسحة وتنقية، فمرضوا منه وهلكوا عن آخرهم، وأكبر ظني أني حدثت أن الأكلة كانوا سبعة أنفس، ولقبها أعني: سام أبرص ينبئ عن خبثها وشؤمها، ولهذا استحق قاتله بضربة مائة حسنة على ما في الحديث الذي يتلو هذا الحديث.