الشاهد، وهذه الرواية تقوي ذلك الاحتمال، ولا يترك مع وجود ذلك الاحتمال ما ورد به التنزيل قال الله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان} وقال {وأشهدوا ذوي عدل منكم} فلما ورد التوقيف بذلك لم يروا أن يحكموا بأقل من ذلك إلا بدليل مقطوع به. واستدلوا أيضاً بحديث وائل بن حجر الذي يتلو حديث ابن عباس هذا، وذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ألك بينة) قال: لا قال: (فلك يمينه) فلما أعاد عليه القول قال: (ليس لك منه إلا ذلك) وقد ذكروا في اختلاف الروايات وما روى بخلافه عن بعض التابعين أن القضاء بيمين المدعي وشاهد لم يكن إلا بعد الخلفاء الراشدين ما لم نر التعرض له؛ حذراً عن الإطالة.
[2734] ومنه حديث وائل بن حجر الحضرمي- رضي الله عنه- (جاء رجل من حضر موت ورجل من كندة .. الحديث) الحضرمي هو ربيعة بن عيدان بفتح العين وياء منقوطة بثنين من تحت. ومن الرواة من يكسر العين، والكندي هو امرؤ القيس بن عابس، وهما اللذان عناهما الأشعث بن قيس في حديثه، وهو في الحسان من هذا الباب.
[2736] ومنه حديث زيد بن خالد- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ألا أخبركم بخير الشهداء .. الحديث) أراد به الشاهد الذي يكون ذاكراً لشهادته، متربصاً للأداء، متحرجاً عن الكتمان، فإذا علم بالمشهود له حاجة إلى أدائها سبق إعلامه إياها بما عنده سؤاله عنها. وعند كثير من العلماء إقامة الشهادة [99/ب] قبل السؤال غير قادح في العدالة، ولا مفض إلى التهمة، ويرون قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ويشهدون ولا يستشهدون) محمولاً على أنه فيمن لم يستشهد في بدء الأمر فشهد بالزور ليتوافق الحديثان.
قلت: ولو حمل قوله: (ويشهدون ولا يستشهدون) على من يأتي بها قبل المطالبة [اعتناء] بالمشهود له، وعناداً مع المشهود عليه، وحرصاً على أذيته، لم يلزم منه اختلاف.
[2737] قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن مسعود- رضي الله عنه-: (ثم يجئ قوم تسبق شهادة أحدهم