علينا الأثرة بالتحريك الاسم من الاستئثار يقال: استأثر الرجل بالشيء أي: استبد به، وجمع الأثرة الأثر. ومنه قول الحطيئة في أمير المؤمنين عمر- رضي الله عنه-:
ما آثروك بها إذ قدموك لها ... لكن لأنفسهم كانت بن الأثر
(وعلى أثرة علينا) راجع إلى من يلي الأمر من الأمراء وأصحاب البيعة من أولى الأمر فيستأثر بحق المبايع غيره عليه فإن هذا [94/ب] مما لا يمكن في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - ومما لا يظن أيضاً بالخلفاء الراشدين. وأراد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ منا البيعة على أن نصبر على أثرة علينا، فلا ننابذ من بويع من ولاة الأمر فصنع هذا الصنيع.
وهذا الذي ذكره عبادة في حديثه هو الذي أشار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله في حديث أسيد بن حضير لرجل من الأنصار وقد خلا به- (إنكم سترون بعدي أثرة).
وفيه: (كفراً بواحاً) أي: جهاراً لا خفاء به، من قولهم: باح الشيء وأباحه: إذا جهر به.
[2660] ومنه حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة الجاهلية .. الحديث) الميتة بكسر الميم: الحالة التي يكون عليها الإنسان من الموت كالجلة والركبة يقال: مات فلان ميتة حسنة، وإنما قال: جاهلية؛ لأن أهل الجاهلية لم يكونوا متمسكين بطاعة أمير ويعدون ذلك سفاهة ودناءة، لا جرم أن القوي منهم كان يأكل الضعيف، ثم لا يزعه وازع. وكان ذلك الرأي منهم حقيقاً بان يخطأ ويسفه ويذم عليه.
وفيه (ومن قاتل تحت راية عميقة) أي: قاتل على أمر مظلم لا يعرف فيه الحق من الباطل، وقد مر تفسير العمية.
وفيه (فقتل، فقتلة) قتلة بكسر القاف وهي: الحالة التي تكون عليها من القتل على ما مر. وذلك؛ لأن الأمر الموصوف كان من سنن أهل الجاهلية المخالف لهدى أهل الإسلام.