أبي بردة، فحملنا الأمر فيه على أنه أراد بقوله (إلا في حد من حدود الله) ما يقام على سبيل العقوبة والتنكيل. وأراد بما يعزر فاعله بعشر جلدات ما يقام على طريق التأديب والتقويم، كالذي يضرب ولده الصبي على ترك الصلاة أو عبده لتقصير كان منه ونحو ذلك. وضمّ ما سواه إلى جملة الحدود، وإن لم يكن منها، للمشابهة التي بين النوعين في ارتكاب المحظور وعظم الذنب.

أو سماه حدًا؛ لأن المتهافت فيه تجاوز الحدّ الذي شرع له، هذا هو السبيل في تأويل هذا الحديث لئلا يلزم من الأخذ بظاهره ردُّ ما عداه. [94/أ].

[2635] ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس - رضي الله عنه - (ومن وقع على ذات رحم محرم فاقتلوه) حمل جمع من العلماء الأمر بالقتل في هذا الحديث وفيما يجري مجراه على أنه في حق المستحل.

وقد اتفق العلماء أن فاعل ذلك لا يجب عليه القتل، إنما يجب عليه الرجم إن كان محصناً، ثم إنهم اختلفوا إذا كان ذلك بنكاح: فمنهم من لم يفرق بين الصورتين، ومنهم من قال: يجب فيه التعزير والعقوبة البليغة. وقالوا: لّما أمر بالقتل ولم يأمر بالرجم علم أنه ليس بحد، وهو قيل أبي حنيفة وسفيان الثوري. وقد استدل مخالفوهم أيضا بحديث البراء "مرَّ على خالي ومعه لواء .. الحديث) وقد ذكرنا الحديث قبل ذلك، وبينا ما يدل على أن الرجل كان محارباً مستحلاً.

[2636] ومنه حديث عمر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا وجدتم الرجل قد غل في سبيل الله فاحرقوا متاعَه) قد ذكرنا في غير موضع أن هذا الحديث وما يجرى مجراه في العقوبة بأخذ المال أو بإحراقه كان في أول الأمر بالمدينة ثم نسخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015