فأتيت على رجل منهم .... الحديث). [اسم الرجل على الصحيح] واختلف في اسم أبيه فذكر الفقيه أبو عمر بن عبد البر الحافظ النمري أنه مرداس بن نهيك الفزاري، وذكر الحافظ أبو الفضل بن طاهر المقدسي في كتاب (إيضاح الإشكال) أنه مرداس بن عمرو الفدكي وقد تبين له من القولين أنه لم يكن جُهنيا وإنما كان دخيلاً فيهم غريباً بأرضهم فحسبُوه من جملتهم؛ لأنهم وجدوه في بلاد جهينة وكان يرعى غنماً له فلما قال: لا إله إلا الله، رأوا أنه يقول ذلك تعوذَا، ولم يكن يبلغهم في ذلك نص فقتله أسامة على أنه مباح الدم والخطأ موضوع عن المجتهد ولهذا لم يلزمه الدية. ومذهب جمع من العلماء أن الرجل بقوله لا إله إلا الله لم يكن محكومًا بإسلامه حتى يضم إليه محمد رسول الله، وإنما وجب الإمساك عنه حتى يعرف حاله، فتوجه النكير على أسامة لتركه التوقف في أمره حتى يستبين له الحق.

[2493] ومنه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من قتل مُعاهدا لم يرح رائحة الجنة .. الحديث) المعاهد: اتلذميّ وقوله: (لم يرح) يروى على ثلاثة أوجُه: لم يرح [بفتح الراء] من رِحت الشيء أراحُه: إذا وجدتَ ريحه. ولم يرح - بكسر الراء - من رَحتُ الشيء أربحه. ولم يُرح - بضم الياء وكسر الراء - من أرحت الشيء أريحه أي لا يجد رائحة الجنة. وقد بينا وجه ذلك في كتاب العلم من أول هذا الكتاب.

[2494] ومنه حديثه الآخر بعن النبي - صلى الله عليه وسلم - (من تردى من جبل فقتل نفسه. الحديث) التردّى إذا أسند إلى الإنسان فمعناه التعرض للهلاك والمراد منه ها هنا أن يتهور الإنسان فيرمي نفسه من جبل (يجأ بها بطنه) وجأته بالسكين أي: ضربته به.

قلت: لما كان الإنسان بصدد أن يحمله الضجر والحنق والضغب على إتلاف نفسه ويسول له الشيطان أن الخطب فيه يسير وهو أهون من قتل نفس أخرى حرم قتلها عليه وإذا لم يكن لصنيعه مُطالب من قبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015