نقله بين الصحيح والسقيم: أن الله رفع عن هذه الأمة الخسف والمسخ، وذلك- مع كونه لا يعتد به (....) القول به في هذا الكتاب، وأرى- والله أعلم- أن المكذبين (خلقا ...) خلق الله، فمحقهم وعوقبوا بالمسخ].
وإنما سلكنا هذا المسلك في بيان هذه الأحاديث وتقرير معانيها على هذا النمط؛ لئلا يفضي بنا التجوز في البيان إلى التناقض، والذهاب إلى [ما يليق] بأصول العلم.
[78] ومنه حديث ابن عمر- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (القدرية مجوس هذه الأمة .. الحديث) إنما قال لهم: مجوس هذه الأمة؛ لأنهم أحدثوا في الإسلام مذهبا يضاهي مذهب المجوس من وجه ما، وإن لم يشابهه من سائر الوجوه؛ وهو: أن المجوس يضيفون الكوائن في دعواهم الباطلة إلى إلهين اثنين، يسمون أحدهما: يزدان، والآخر: أهرمن، ويزعمون أن يزدان يأتي منه الخير والسرور، ويقولون ذلك في الأحداث والأعيان، فيضاهي مذهب القدرية قولهم الباطل في إضافة الخير إلى الله والشر إلى غيره، غير أن القدرية يقولون ذلك في الأحداث دون الأعيان، والأمران معا- يعني: الخير والشر- مضافان إلى الله تعالى- خلقا وإيجادا، وإلى العباد فعلا واكتسابا.
[80] ومنه حديث عائشة- رضي الله عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ستة لعنتهم، لعنهم الله) وجدت في بعض النسخ من المصابيح وغيره من كتب أصحاب الحديث (وكل نبي مجاب) وعلى هذا (فكل نبي) مبتدأ مضاف و (مجاب) خيره، ولا يستقيم ولا يصح أن يجعل (كل نبي) عطفا [18/ أ] على ضمير المتكلم في (لعنتهم) ومن روى (مجاب) مجرورا على النعت فقد غلط في الرواية، وأحال في المعنى، والرواية المشهورة: (وكل نبي يجاب) على بناء المفعول- والجملة معترضة في كلا الصيغتين، ومعناه: إني دعوت عليهم، ومن شأن كل نبي أن يجاب في دعائه.