وفي أكثر النسخ من (المصابيح) بل في أجمعها: (بطح له)، وهو خطأ بين رواية ومعنى.
والقاع: المستوى من الأرض، والقرقر أيضاً في معناه، وإنما عبر عنه بلفظين مختلفين؛ للمبالغة في استواء ذلك المكان، وقد روى الحديث: (بقاع قرق)، وهو مثله.
وفيه: (كلما مر عليه أولاها [138/أ]، رد عليه أخراها).
قلت: في هذا الكلام تحريف عن وجهه، وهو أن الرد عليه إنما يستعمل في الأول لا في الآخر؛ فالآخر تبع للأول في مروره؛ فإذا انتهت النوبة ردت الأولى؛ لاستيقاف المرور.
وهذا الحديث- على هذا السياق- رواه مسلم في (كتابه) عن سويد بن سعيد، عن حفص بن ميسرة الصنعاني، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح ذكوان؛ أنه سمع أبا هريرة، ورواه- أيضاً- عن محمد بن عبد الملك الأموي، عن عبد العزيز بن المختار، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، وفي حديثه: (ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمى عليه نار جهنم، فيجعل صفائح).
قلت: وفي هذا دليل بين على صحة ما ذهبنا إليه من اختيار النصب في (صفائح)، وفي روايته هذه: (وما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر كأوفر ما كانت تستن عليه، كلما مضى عليه أخراها، ردت عليه أولاها).
وقد روى هذا الحديث- أيضاً- عن أبي ذر، وهو حديث صحيح، وفي روايته: (كلما جازت أخراها، ردت عليه أولاها).
فتبين لنا من الرواتين- مع ما نشهد له من صحة المعنى-: أن الصواب ما ذكرناه، وأنه على الوجه الذي ذكر في (كتاب المصابيح) سهو من بعض الرواة، لم يتأمل فيه المؤلف فنقله، ولا يستبعد أن يكون ذلك من سويد بن سعيد؛ فإنه- وإن كان عدلاً ثقة، مع كونه من رجال الكتابين- فقد نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ.
وفيه: (ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء): العقصاء: هي التي التوى قرناها على أذنيها من خلفها؛ يقال: تيس أعقص بين العقص، والجلحاء: التي لا قرن لها، وفي البقر أكثر استعمالاً، يقال: بقر جلح؛ قال الشاعر:
تسكنهم بالقول حتى كأنهم .... بواقر جلح أسكنتها المراتع
والعضباء: المكسورة القرن، وقد مر تفسيرها في (باب الأضحية).
وفيه: (ولرجل ستر):
أي: يتخذ تجملاً، وستراً للحال التي هو عليها من القلة، وضيق اليد، وقد بين معناه بقوله: (ربطها تغنياً وتعففاً) وأي: طالباً بنتاجها الغنى عن الناس، والتعفف عن المسألة، أو إظهاراً للغنى عن نفسه بركونها، وذلك أشبه بصنيع ذوي الهيئات، وأخلاق أهل الكرم والمروءة.
وفيه: (فأطال لها):