[399] ومنه: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي قتادة- رضي الله عنه- (فإن الله تعالى قال: {وأقم الصلاة لذكرى}.
هذه الآية- وإن كانت محتملة لوجوه كثيرة من التأويل [66/أ]؛ فإن العدول عن سائرها إلى الوجه الذي يطابق معنى الحديث لازم؛ لأنه حديث صحيح، وقد روى- أيضا- في (الصحيحين)، عن أنس وأبي هريرة رضي الله عنهما، وفيه: (فليصلها إذا ذكرها)؛ فإن الله يقول: {وأقم الصلاة لذكرى}.
وعلى ذوي الأقاويل- في التفسير والتأويل- أن ينتهوا إلى المعنى الذي أشار إليه صاحب التنزيل - صلى الله عليه وسلم -، فنقول، وبالله التوفيق:
معنى قوله تعالى {وأقم الصلاة لذكرى} أي: لذكر الصلاة؛ لأنه إذا ذكر الصلاة، فقد ذكر الله، أو يكون المضاف قد حذف منه، والتقدير: لذكر صلاتي، وأضاف الذكر إلى نفسه إضافة تعظيم وخصوصية وإن كان الذكر والنسيان- في الحقيقة- من الله تعالى.
ومما يؤيد هذه الوجوه: قراءة من قرأ: {أقم الصلاة للذكرى}، وقد ذكر مسلم في (كتابه): أن ابن شهاب كان يقرؤها: {للذكرى}.
قلت: وهو الراوي لهذا الحديث في (كتاب مسلم)، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد ذكر أبو عبد الرحمن النسائي في كتابه: أن ابن شهاب الزهري روى عن سعيد بن المسيب: {وأقم الصلاة لذكرى}، فقيل له: أكان سعيد بن المسيب يقرؤها كذلك؟ قال: نعم.
وهذه الوجوه كلها راجعة إلى معنى واحد، وهو أن المراد منه: أقم الصلاة لذكرها؛ ليطابق قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فليصلها إذا ذكرها) أي: إذا ذكر الصلاة، واللام في قوله: {لذكرى} أي: لأوقات ذكرى، ومثله قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي ذر- رضي الله عنه: (صل الصلاة لوقتها)؛ وذلك مثل قول القائل: جئتك لعشر مضين من شعبان.
(ومن الحسان)
[400] قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث علي- رضي الله عنه: (الصلاة إذا أتت ....).