اختلف العلماء في تأويل قوله ستة أيام أو سبعة فمنهم من ذهب إلى أن (أو) للشك من بعض الرواة وإنما يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ذكر أحد العددين اعتبارا بالغالب من حال نساء قومها، ويدل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - (كما تحيض النساء وكما يطهون) ويحتمل أنها أخبرته بعادتها قبل أن يصيبها ما أصابها، ومنهم من قال إن ذلك من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد خيرها بسين كل واحد من العددين؛ لأنه العرف الظاهر والأمر الغالب من أحوال النساء، وقد قيل إن أمرها بذلك على اعتبار حالها بحال من هي مثلها إن ستا فستا وإن سبعا فسبعا، وقيل أمرها ببناء الأمر على ما يتبين لها من أحد العددين على سبيل التحري والاجتهاد ويقول هذا القائل في علم الله أي فيما علم الله من أمرك من ستة أو سبعة، ومن قال (أو) للشك من بعض الرواة فإن له أن يقول في علم الله أي في علمه الذي بينه وشرعه لنا كما يقول في حكم الله وفي كتاب الله تعالى وقد روى هذا الحديث أيضا من غير هذا الوجه على غير هذا السياق ويقع الاختلاف في تأويله على حسب الاختلاف في ألفاظه ففي بعض طرقه لأهل الرواية مقال.
قلت: ومن ذوات الاستحاضة في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - سهلة بنت سهيل بن عمرو وفاطمة بن أبي حبيش وحمنة بن جحش وأم حبيبة بنت جحس. وأهل السير يزعمون أن المستحاضة منهما حمنة وأم حبيبة غلط والصحيح عند أهل الحديث أنما كانتا تستحاضان جميعا ولقد أردنا أن نبسط القول في بيان تلك الأحاديث وتقرير كل منا على الوجه الأوضح والتأويل الأقوم ثم إنا رأينا أنه يفضى بنا إلى ما يتعلق بشأن أحاديث كتاب المصابيح فاقتصرنا على المشار إليه مجملا وليعلم المتطلع إلى معرفة أحاديث هذا الباب أن اختلاف الأحكام فيها لاختلاف أحوالهن 62/ب في تلك العلة وليعلم أن الاعتبار بلون الدم ولم يذكر في شيء منه إلا في حديث فاطمة وذكرنا في مرسل رواه الزهري عن عروة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الأقرب عند علماء الحديث.