والمعنى أن العرش مهما وصف به من المجد والكرم والسعة والعظم ليتضايق عن سعة [198/ب] علمه، ويئط لما يرتكبه من أعباء هيبته وجلاله.
ومن باب: فضائل سيد المرسلين
(من الصحاح)
[4340] حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما من الأنبياء نبي إلا وقد أعطى من الآيات) الحديث.
أراد بالآيات: المعجزات الخوارق للعادات، وما أيد به أنبياء الله من أعلام النبوة، يريد أنه ليس منهم إلا من أيد بما مثله وجنسه إذا شوهد دعا الشاهد إلى التصديق بالله، وإنما قال: (آمن عليه البشر) ليضمنه معنى الاطلاع، فكأنه قال: آمن للاطلاع عليه البشر.
وفيه: (وإنما كان الذي أوتيت): أي: معظم ما أوتيت من ذلك الباب: القرآن، الذي هو في نفسه دعوة، وفي نظمه معجز، وإنما قلنا: معظم ما أوتيت، لأنه أوتي أيضاً من جنس ما أوتيه غيره، وتلك الخوارق التي أوتيها هو وغيره وإنما كانت تبقى قدر ما يلزم به الحجة على المقترح، ثم إنه إن لم يؤمن بها رجعت عليه الخزي الدائم، فطبع على قلبه، وختم على سمعه وبصره، فلا يؤمن بها، حتى يكشف الغطاء، ولا كذلك القرآن، فإن فيه الدعوة والحجة، لا تنفك أحدهما عن الأخرى حتى يأتي أمر الله، لا يزال يدعو الناس إلى معالم هداه فيجيبه المستبصرون، ولنعم المجيبون؛ فلهذا قال: (أرجو أن أكون أكثرهم