وفيه: (إذا ضربه تدهده الحجر) أي: تدحرج. يقال: دهدهت الصخرة ودهديتها [146/أ] وتدهدي وتدهده بمعنى.
(ومن الحسان)
[3460] قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي رزين العقيلي -رضي الله عنه- (وهي على رجل طائر ما لم يحدث بها) قلت: وفي أكثر الروايات وأوثقها عن أبي رزين (ما لم تعبر) تعبر: على بناء المفعول خفيفة الباء، والتشديد فيها لم يوجد في الكتاب ولا في السنة، وهي وإن وردت في كلامهم، فإنها لغة قليلة.
ومعنى الحديث: لا تستقر الرؤيا قرارها كالشيء المعلق على رجل طائر، وذلك مثل قولهم: كأنه على جناح طائر. أراد بذلك -والله أعلم- أن الرؤيا على ما يوقة التقدير إليه من التفسير، فإذا كانت في حكم الواقع قيض لك من يتكلم بتأويلها على ما قدر. وقد فسره أبو عبيدة الهووى في كتابه فقال: نقول ذلك القسم الذي قسمه الله معلق بما قدره الله له وطيره له يعني قسمه، ولا استقامة لهذا القول مع بقية الحديث، والأول هو الصحيح. وفي هذا الحيث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (وهي لأول عابر) يريد أن العبرة فيها بعبارة أول عابر، وذلك إذا كان عارفا بمعاني التعبير.
فإن قيل: كيف له التخير فيمن يعبر على ما ورد به الحديث ولا يقصها إلا على واد أو ذي رأي والأقضية لا ترد بالتوقي عن الأسباب، ولا تختلف أحكامها باختلاف الدواعي.
قلنا: هو مثل السعادة والشقاوة والسلامة والآفة المقضي بكل واحدة منها لصاحبها، ومع ذلك فقد أمر العبد بالتعرض للمحمود منها، والحذر عن المكروه منها.
وفيه (ولا تقصها إلا على واد أو ذي أرى) قال الزجاج: إنما أمر بذلك؛ لأن الواد لا يحب أن يستقبلك في تفسيرها إلا بما تحب؛ لأن تعبيرها يزيلها عما جعلها الله عليه، وأما ذو الرأي فمعناه: ذو العلم بعبارة الرؤيا فإنه يخبرك بحقيقة تفسيرها أو بأقرب ما يعلم منه.