فقد أشار حذيفة بن اليمان على عثمان رضى الله عنهما أن يدرك هذه الأمة قبل أن تختلف على كتابها كما اختلفت اليهود والنصارى نتيجة لكثرة الاختلاف فى وجوه القراءة.
واستشار عثمان أعلام الصحابة وذوى الرأى، فأجمعوا على أن يأمر بنسخ عدد من المصاحف يرسل واحدا منها إلى كل مصر من الأمصار ليكون مرجعهم عند الاختلاف، وحرق ما عداها من المصاحف. عندئذ أرسل عثمان رضي الله عنه إلى أم المؤمنين حفصة يطلب منها ما كانت تحتفظ به من الصحف التى سبق أن كتبها زيد بن ثابت فكلف عثمان «زيد بن ثابت» و «عبد الله بن الزبير» و «سعيد بن العاصى»، و «عبد الرحمن بن الحارث بن هشام» بنسخ هذه الصحف عدة نسخ أرسل إلى كل مصر من الأمصار
نسخة وأمر بحرق ما عداها.
أراد عثمان رضي الله عنه أن يوحد المسلمين على مصحف واحد يرسم بطريقة تتلاءم مع الحروف السبعة التى نزل بها القرآن، وما لا يحتمله الرسم كتبه فى نسخة بقراءة، وفى الأخرى بقراءة أخرى، ولم يكرره فى النسخة الواحدة لدفع توهم التكرار، فإن لكل منهما وجها من غير تكرار ولم يكتب أحدهما فى الأصل، والثانى فى الحاشية لأن فى ذلك ترجيحا بلا مرجح، ولدفع توهم أن تكون الكلمة فى الأصل غير صحيحة والتى فى الحاشية هى تصحيح لها.
وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن المصاحف العثمانية بمجموعها متضمنة برسمها ما ثبت من القراءات المتواترة فى العرضة الأخيرة محتملة للأحرف السبعة وأرسل مع كل نسخة إماما عدلا ضابطا.
فأمر زيد بن ثابت أن يقرئ بالمصحف المدنى، وأرسل عبد الله بن السائب مع المصحف المكى، والمغيرة بن أبى شهاب المخزومى مع الشامى، وأبا عبد الرحمن السلمى مع المصحف الكوفى، وعامر بن عبد القيس مع المصحف البصرى.