إن فى الصفات والمخارج اتفق ... حرفان فالمثلان فيهما أحق

وإن يكونا مخرجا تقاربا ... وفى الصفات اختلفا يلقبا

متقاربين أو يكونا اتفقا ... فى مخرج دون الصفات حققا

بالمتجانسين ثم إن سكن ... أول كل فالصغير سمين

أو حرك الحرفان فى كل فقل ... كل كبير وافهمنه بالمثل

لماذا لجأ العرب إلى الإدغام؟ ونجيب عن هذا السؤال فنقول: إن في إدغام المتماثلين، والمتجانسين، والمتقاربين تخفيف على اللسان عند الكلام، فأول الحرفين منهما ساكن، والثاني متحرك، والمخرج إما عين المخرج الأول، أو مقارب له، وإظهار الحرفين فيه مشقة وثقل على اللسان، ونحن نعلم أن الحرف الساكن ينتج عن تصادم عضوى النطق بالحرف عند مخرجه (أى مخرج الحرف)، سواء تم ذلك التصادم بين اللسان وبعض الحنك، أو بعض الأسنان، أو بين الشفتين، فإذا ضربنا لذلك مثلا بحرف (التاء) من قوله تعالى: رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ نجد أن اللسان عند نطق التاء الساكنة قد التصق ظهر طرفه بأصول الثنيتين العلييين. فإذا ما انتهى من نطق التاء الساكنة من كلمة «ربحت» كان عليه أن يعود مرة أخرى لنفس المخرج، ويعيد الالتصاق به استعدادا للتباعد عنه مرة أخرى، لكي تخرج التاء المتحركة. لأن الحرف المتحرك كما هو معلوم يخرج نتيجة: تباعد طرفى عضو النطق. من ذلك يتبين لنا ما في إظهار الساكن من الحرفين من عسر وكلفة كما يشهد بذلك الحس والتجربة. فالإدغام أيسر وأقرب إلى الخفة لأنه قد تغلب على ثقل الإظهار بحذف الأمر الزائد (?) بين الحرف الساكن والحرف المتحرك. وقد شبه النحاة الإظهار في مثل هذه المسائل «بمشى المقيّد» (?) لأن الإنسان إذا نطق بحرف وعاد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015