فَهَذَا أَبُو عصمَة نوح بن أبي مَرْيَم يتعقب سور الْقُرْآن وَاحِدَة وَاحِدَة، فليصق بِكُل سُورَة فَضِيلَة، ويرتب لَهَا فَائِدَة، وَيَضَع فِيهَا حَدِيثا ينْسبهُ إِلَى الرَّسُول زورا بعد أَن يصنع لَهُ سندا يَنْتَهِي فِي غَالب مَا وضع إِلَى ابْن عَبَّاس، ثمَّ إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَن طَرِيق عِكْرِمَة بن أبي جهل.
كَمَا كَانَ أَحْيَانًا يرفع إِلَى أبي بن كَعْب أَو سواهُ.
وَالْعجب مِنْهُ وَمن أَمْثَاله.
لَا يرى أَنه وَقع فِي إِثْم بِمَا فعل! اسْمَع إِلَيْهِ يدْفع عَن نَفسه اللوم حِين عوتب فَيَقُول: لما رَأَيْت اشْتِغَال النَّاس النَّاس بِفقه أبي حنيفَة، وَمَغَازِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق، وَأَنَّهُمْ أَعرضُوا عَن الْقُرْآن، وضعت هَذِه الْأَحَادِيث حسبَة لله تَعَالَى.
كَذَلِك وهب بن مُنَبّه.
أسلم يعد يَهُودِيَّة، وَكَانَ يضع الحَدِيث فِي فَضَائِل الْأَعْمَال.
وَفعل مثل فعله عبد الملك بن عبد الْعَزِيز الَّذِي أسلم بعد نَصْرَانِيَّة..ونشط وضاعون آخَرُونَ.
يضعون وينسبون مَا وضعُوا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زورا.
فِي فَضَائِل من أَحبُّوا، ومثالب من أبغضوا، ثمَّ زبفوا لَهَا الْأَسَانِيد أَيْضا، كَيْلا يتَطَرَّق إِلَيْهَا الشَّك، أَو ينْكَشف الزيف.
وأسرف فِي ذَلِك جماعات، كأمثال النقاش والقطيعي والثعلبي والأهوازي وَأبي نعيم والخطيب.
وسواهم فِيمَا وضعُوا من مَنَاقِب وفضائل أبي بكر الصّديق وَعمر وَعُثْمَان وَمُعَاوِيَة رَضِي الله عَنْهُم.
وعَلى الضِّدّ من هَؤُلَاءِ قَامَت جماعات أخر تكيل الْكَيْل كيلين، فَوضعت فِي مَنَاقِب على رَضِي الله عَنهُ من الْأَحَادِيث المستغربة مَا لَا يدْخل تَحت حصر، من أَمْثَال: أَحْمد بن نصر الذِّرَاع، وحبة بن جُوَيْن، وَبشر بن إِبْرَاهِيم، وَعباد بن يَعْقُوب، وَعبد الله بن داهر.
وَمَا كَانَ أَبُو بكر وَلَا عمر وَلَا عُثْمَان وَلَا على فِي حَاجَة إِلَى مديح أَو إشادة من أَمْثَال هَؤُلَاءِ.
علم الله.