فَذَكَرْتُهُ كُلَّ يَوْمٍ.
قَالَ مُعَاذٌ: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَأَنَا رَدِيفُهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ إِذْ رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ يَقْضِي فِي خَلْقِهِ مَا أَحَبَّ.
يَا مُعَاذُ.
قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِمَامَ الْخَيْرِ وَنَبِيّ الرَّحْمَةِ.
قَالَ: أُحَدِّثُكَ حَدِيثا مَا حَدَّثَ بِهِ نَبِيٌّ أُمَّتَهُ إِنَّ حَفِظْتَهُ نَفَعَكَ عَيْشُكَ، وَإِنْ سَمِعْتَهُ وَلَمْ تَحْفَظْهُ انْقَطَعَتْ حُجَّتُكَ عِنْد الله عزوجل.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ سَبْعَةَ أَمْلاكٍ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ السَّمَوَاتُ، لِكُلِّ سَمَاءٍ مَلَكًا قَدْ حَلَلَهَا تَعْظِيمًا وَجَعَلَ عَلَى بَابِ كُلِّ سَمَاءٍ مِنْهُم بَوَّابًا، يُكْتِبُ الْحَفَظَةَ عَمَلَ الْعَبْدِ، لَهُ نُورٌ كَنُورِ الشَّمْسِ حَتَّى إِذَا بَلَغَ سَمَاءَ الدُّنْيَا فَيَقُولُ الْمَلِكُ الْبَوَّابُ اضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَقُلْ لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، أَنَا مَلَكٌ صَاحِبُ الْغَيْبَةِ، مَنِ اغْتَابَ النَّاسَ لَمْ أَدَعْ عَمَلَهُ يَتَجَاوَزْنِي إِلَى غَيْرِي.
قَالَ: وَبلغته حَتَّى يَمْشِيَ وَيَقُولُ: أَمَرَنِي بِذَلِكَ رَبِّي.
قَالَ: وَيَصْعَدُ الْمَلَكُ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ.
فَيَقُولُ الْمَلِكُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ: قِفْ فَاضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَقُلْ لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ إِنَّكَ أَرَدْتَ بِهَذَا الْعَمَلِ عَرَضَ الدُّنْيَا وَأَنَا مَلَكٌ صَاحِبُ عَمَلِ الدُّنْيَا لَا أَدَعُ أَنْ يُجَاوِزَ إِلَى غَيْرِي، أَمَرَنِي بِذَلِكَ رَبِّي.
قَالَ: وَبَلَغْتُهُ حَتَّى يَمْشِيَ قَالَ: وَيَصْعَدُ الْمَلَكُ بِعَمَلِ الْعَبْدِ مُبْتَهِجًا بِهِ مِنَ صَدَقَةٍ أَوْ صَلاةٍ.
فَيَتَعَجَّبُ الْحَفَظَةُ.
فَيُجَاوِزُهَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ.
فَيَقُولُ الْمَلَكُ: قِفْ وَاضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَقُلْ لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ.
أَنَا صَاحِبُ الْكِبْرِ وَقَدْ أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ لَا أَدَعَ عَمَلَ مُتَكَبِّرٍ يُجَاوُزُنِي إِلَى غَيْرِي.
قَالَ: وَتَصْعَدُ الْحَفْظَةَ بِعَمَلِ الْعَبْدِ يُزْهِرُ كَمَا يُزْهِرُ النَّجْمُ الدُّرِّيُّ
فِي السَّمَاءِ، لَهُ تَسْبِيحٌ مِنْ صَوْمٍ وَحَجٍّ.
فَيَمُرُّ بِهِ عَلَى مَلَكِ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ.
فَيَقُولُ لَهُ: قِفْ وَاضْرِبْ بِهَذَا الْعَمَلِ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَبَطْنِهِ، أَنَا مَلَكٌ صَاحِبُ الْعُجْبَ بِنَفْسِهِ، إِنَّهُ مَنْ عَمِلَ وَأَدْخَلَ مَعَهُ الْعُجْبَ، فَإِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ لَا أَدَعَهُ يُجَاوِزُنِي إِلَى غَيْرِي فَقُلْ لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ.
قَالَ: وَبَلَغْتُهُ ثَلاثَة أَيَّامٍ.
قَالَ: وَتَصْعَدُ الْحَفَظَةُ بِعَمَلِ الْعَبْدِ مَعَ الْمَلائِكَةِ كَالْعَرُوسِ الْمَزْفُوَفَةِ إِلَى أَهْلِهَا.
فَيُمَرُّ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ مِنْ عَمَلِ الْجِهَادِ وَالصَلاةِ، فَلِذَلِكَ الْعَمَلُ زَئِيرٌ كَزَئِيرِ الأَسَدِ، عَلَيْهِ ضَوْءٌ كضوء الشَّمْس،