بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أَنبأَنَا الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْحَافِظ جمال الدَّين أَبُو الْفرج عبد الرحمن بن عَليّ بن مُحَمَّد الْجَوْزِيّ الْقرشِي فِيمَا كتب إِلَيّ من بَغْدَاد سنة خمس وَتِسْعين وَخمْس مائَة أَنه قَالَ: الْحَمد لله على التَّعْلِيم حمدا يُوجب الْمَزِيد من التَّقْوِيم، وَالصَّلَاة الْكَامِلَة وَالتَّسْلِيم على مُحَمَّد النَّبِي الْكَرِيم، الْمَبْعُوث بِالْهدى إِلَى الصِّرَاط القويم، الْمُقدم على الْخَلِيل وعَلى الكليم (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رؤوف رَحِيم) صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه وَأَتْبَاعه إِلَى يَوْم ظُهُور الهول الْعَظِيم: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى الله بقلب سليم) أيقظنا الله وَإِيَّاكُم قبل ذَلِك الْحِين، لأخذ الْعدة، وَثَبت أقدامنا إِذا زعزعت الْأَقْدَام الشدَّة، ورزقنا قولا وفعلا قبل انْقِضَاء الْمدَّة، وَختم صحائفنا بِالْعَفو قبل جفوف قلم الْأَجَل وانتهاء الْمدَّة، وبيض وُجُوهنَا بِالصّدقِ يَوْم نرى الَّذين كذبُوا على الله وُجُوههم مسودة.
أما بعد: فَإِن بعض طلاب الحَدِيث ألح عَليّ أَن أجمع لَهُ الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة وأعرفه من أَي طَرِيق تعلم أَنَّهَا مَوْضُوعَة، فَرَأَيْت أَن إسعاف الطَّالِب للْعلم بمطلوبه يتَعَيَّن خُصُوصا عِنْد قلَّة الطلاب، لَا سِيمَا لعلم النَّقْل فَإِنَّهُ قد أعرض عَنهُ بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى أَن جمَاعَة من الْفُقَهَاء يبنون على الْعُلُوم الْمَوْضُوعَة.
وَكَثِيرًا من
الْقصاص يُرِيدُونَ الموضوعات، وخلقا من الزهاد يتعبدون بهَا.
وَهَا أَنا أقدم قبل الشُّرُوع فِي الْمَطْلُوب فصولا تكون لذَلِك أصولا وَالله الْمُوفق.
فصل اعْلَم زَاد الله إرشادك وَتَوَلَّى إسعادك أَن الله عزوجل شرف هَذِه الْأمة وفضلها على غَيرهَا من الامم، فَقَالَ عزوجل: [كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ] وأنبأنا