وسمعت أبا الحسن على بن هارون يقول: خذل البحترى فى هذا الابتداء من قصيدته هذه.

أخبرنى عبد الله بن يحيى العسكرى، عن أبى عثمان سعيد بن الحسن الناجم، قال:

قال لى البحترىّ: أشتهى أن أرى ابن الرومى فوعدته ليوم بعينه، وسألت ابن الرومى أن يصير إلىّ فيه، فأجابنى إلى ذلك؛ فلما حصل ابن الرومى عندى وجهت إلى البحترى؛ فصار إلىّ؛ فاجتمعا وتوانسا؛ فقال له البحترى: قد أقرأنى أبو عيسى بن صاعد قصيدة لك فى أبيه، وسألنى عن الثواب عنها، فقلت له: أعطوه لكل بيت دينارا. ثم تحدّثا، فقال البحترى: عزمت على أن أعمل قصيدة على وزن قصيدة ابن الرومى الطائية فى الهجاء. فقال له ابن الرومى: إياك والهجاء يا أبا عبادة؛ فليس من عملك، وهو من عملى. فقال له: نتعاون. وعمل البحترى ثلاثة أبيات، وعمل ابن الرومى ثمانية، فلم يلحقه البحترى فى الهجاء. وكان اجتماعهما عندى سببا للمودّة بينهما.

أخذ البحترى قوله وقصّر وأفحش، وأسقط أحد القسمين «63»

:

اعطيتنى حتى حسبت جزيل ما ... أعطيتنيه وديعة لم توهب

من الفرزدق فى قوله:

أعطانى المال حتى قلت أودعنى ... أو قلت أودع «64» مالا قدرآه لنا «65»

[205] أخبرنى محمد بن يحيى، قال: قال المجنون «66» :

تداويت من ليلى بليلى وحبّها «67» ... كما يتداوى شارب الخمر بالخمر

فكان هذا من أحسن المعانى بأحسن الألفاظ، وإن كان الأصل فيه قول الأعشى «68» :

طور بواسطة نورين ميديا © 2015