قال أحمد بن عبيد الله بن عمار: كان الفرزدق- وهو فحل شعراء الإسلام يأتى بالإحالة، وينظم فى شعره أهجن كلام؛ فمن ذلك قوله لإبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومى خال هشام بن عبد الملك، وقد أراد أن يذكر فى شعره خئوله الخليفة، ورحمه به الماسّة، ويمدحه بذلك، فقال «49» :
وما مثله فى الناس إلّا مملّكا ... أبو أمه حىّ أبوه يقاربه
فأتعب أهل اللغة والنحو بشرحه، منهم سيبويه فمن بعده، ولم يبلغوا منه ما يقنع ويرضى.
ومن قوله المذموم المستقبح «50» :
إنّ السماء التى من دارم خلقت ... والأرض كانا لنا دون الأعزّاء
ومن ذلك قوله:
ولو أنّ أمّ الناس حوّاء حاربت ... تميم بن مرّ لم تجد من يجيرها
أخبرنى محمد بن يحيى، قال: مما يعاب على الفرزدق قوله فى الغزل «51» :
يا أخت ناجية بن سلمة إننى ... اخشى عليك بنىّ إن طلبوا دمى
فلعمرى إنه خلاف الغزل وما قال الحّذاق؛ فإنّ قتيل الهوى عندهم لا يودى ولا يطلب بدمه.
روى عبد الله بن جعفر، عن سلمان، عن الرياشى؛ عن الأصمعى، عن أبى عمرو بن العلاء، قال: كنا عند بلال بن أبى بردة، فأنشد الفرزدق «52» (47) :
تريك نجوم الليل «53» والشمس حيّة ... زحام بنات الحارث بن عباد