قال: ومن عيوب المعانى فساد المقابلات؛ وهو أن يضع الشاعر معنى يريد أن يقابله بآخر، إمّا على جهة الموافقة أو المخالفة، فيكون أحد المعنيين لا يخالف الآخر ولا يوافقه «36» ؛ مثال ذلك قول أبى عدىّ القرشى «37» :
يابن خير الأخيار من عبد شمس ... أنت زين الدّنيا وغيث الجنود
فليس قوله [38] : «غيث الجنود» موافقا لقوله: «زين الدنيا» ولا مضادّا، وذلك عيب.
ومنه قول هذا الرجل أيضا فى مثل ذلك «38» :
رحماء بذى «39» الصلاح وضرّا ... بون قدما لهامة الصّنديد
فليس للصنديد فيما تقدم ضدّ ولا مثل، ولعلّه لو كان مكان قوله الصنديد الشّرير كان «40» ذلك جيدا، لقوله: ذو الصلاح.
وللعدول عن هذا العيب غيّر الرواة قول امرئ القيس «41» :
فلو أنها نفس تموت سويّة «42» ... ولكنها نفس تساقط أنفسا «43»
فأبدلوا مكان سوية جميعة «44» ، لأنها- فى مقابلة تساقط أنفسا- أليق من سوّية.