وعندما قامت «دولة الأدارسة» فى «المغرب الأقصى» (172 - 373هـ
= 788 - 983م) وحدوا بين السهول الساحلية وإقليم المراعى، كما
وحدوا بين قبائل «صنهاجة» ووجهوا أنظارهم إلى نشر الإسلام
فكانوا أشبه بالدعاة منهم بالولاة، فانتشر الإسلام فى إقليم
«الواحات» بعد أن أصبحت مضارب «الملثمين» القريبة من جبال
«أطلس» (تعرف بجبال درن) خاضعة للأدارسة وجزءًا من أملاكهم،
وقد أدَّى إسلام قبائل «الملثمين» فى القرن الثالث الهجرى، إلى
قيام حلف قوى جمع بين قبائل «صنهاجة» (لمتونة وجدالة ومسوفة)
بزعامة «لمتونة»، وكان هذا الحلف يشير إلى موجة من التوسع صوب
الجنوب؛ لنشر الإسلام بين القبائل الزنجية بالسودان الغربى.
فقد استطاع «تيولوتان» زعيم هذا الحلف أن يحمل راية الجهاد، ودان
له معظم ملوك «السودان الغربى»، واستولى على مدينة
«أودغشت»، التى كانت محطة رئيسية لقوافل الصحراء، واتخذها
عاصمة له بعد أن خلصها من يد ملك «غانة» الوثنى.
تُوفِّى «تيولوتان» عام (222هـ= 836م) وتفرق الحلف الصنهاجى أثناء
حكم أحفاده عام (306هـ= 918م) واستطاعت مملكة «غانة» أن
تستعيد مدينة «أودغشت»، واحتفظت تلك المملكة بقوتها كأعظم ما
تكون فى «السودان الغربى»، حتى قام الحلف الصنهاجى الثانى
عام (426هـ = 1035م) بزعامة الأمير «أبى عبدالله بن يتفاوت
اللمتونى»، الذى استأنف الجهاد وحارب «غانة» وقبائل من
«السودان»، لكنه استشهد فى موقعة «غارة» بالقرب من مدينة
«تاتكلاتين» عام (429هـ= 1038م) بعد ثلاث سنوات من حكمه، وبذلك
أخفق «الملثمون» فى استعادة «أودغشت» والسيطرة عليها مرة
أخرى.
وكان من نتيجة هذه الهزيمة أن تخلَّتْ «لمتونة» عن زعامة «الملثمين»
وخلفتها فى الزعامة قبيلة «جدالة» فى شخص «يحيى بن إبراهيم
الجدالى» الذى اتبع طريقة أسلافه فى الجهاد داخل بلاد «السودان
الغربى» لنشر الإسلام، وأسس دولته على دعوة دينية إصلاحية