الفصل الثامن
الاستعمار: هو السيطرة التى تفرضها دولة قوية على أخرى ضعيفة،
وهذه السيطرة قد تأخذ أشكالا مختلفة، مثل السيطرة العسكرية
على البلاد أو السيطرة الفكرية والاقتصادية على الأمم المقهورة.
وقد ادعت الدول الأوربية كذبًا أنها قامت بحركة التوسع الاستعمارى
بهدف تحضير وتطوير العالم الثالث، وأن ذلك رسالة الرجل الأبيض
تجاه شعوب العالم الثالث، وليس أبلغ فى الدلالة على كذب هذه
الدعوى من رفض الكتاب والمفكرين الغربيين لها.
كانت الدولة العثمانية فى القرنين الخامس عشر والسادس عشر قوة
عظمى تسيطر على غرب ووسط «آسيا» وشمال «إفريقيا»، وجنوب
شرق «أوربا»، ثم أخذت الدولة العثمانية فى الضعف وطمعت دول
«أوربا» فى ممتلكاتها.
الاستعمار البريطاني:
أولا: الجنوب العربى:
تعرض الجنوب العربى وبخاصة «عدن» لسيطرة الاستعمار المبكرة،
ففى سنة (1214هـ= 1799م) احتلت «بريطانيا» «بريم»، وعين أول
مندوب بريطانى فى اليمن سنة (1216هـ= 1801م)، ثم أنشأ الإنجليز
مستودعًا للفحم سنة (1245هـ= 1829م)، وأرادت «إنجلترا» أن تشترى
مرفأ «عدن» من السلطان العثمانى ولكنه رفض واستولت عليه بالقوة
فى (1255هـ= 1839م).
وبعد افتتاح «قناة السويس» سنة (1286هـ= 1869م) امتد نفوذ
«بريطانيا» إلى «حضرموت»، واخترعت نوعًا جديدًا للسيطرة
الاستعمارية وهو فرض الحماية على كل زعماء ومشايخ المنطقة كل
على حدة.
ثانيًا: وادى النيل:
أراد «إسماعيل باشا» والى «مصر» أن يتشبه بالمدنية الأوربية، وأن
يجعل «مصر» قطعة من «أوربا»، وعمل على أن تكون له إمبراطورية
إفريقية امتدت جنوبًا إلى خط الاستواء؛ حيث ضمت «دارفور» ومنابع
«نهر النيل»، كما ضمت «إريتريا» و «هرر» و «الصومال» فى شرق
«إفريقيا»، ولكنه مع ذلك أغرق نفسه فى الديون التى شجعته عليها
دول «أوربا» حتى وقع فى أزمة مالية، فانتهزت «إنجلترا» الفرصة