الذين كانوا قد فروا من المدينة، وأمر الفاتح قواده وجنوده بعدم

التعرض للشعب البيزنطى بأذى، ثم طلب من الناس العودة إلى ديارهم

بسلام، وحول «آيا صوفيا» إلى جامع، على أن تصلى فيه أول

جمعة بعد الفتح (كان الفتح يوم ثلاثاء) وكانت «آيا صوفيا» أكبر

كنيسة فى العالم وأقدم مبنى فى أوربا كلها، وسميت المدينة

«إسلامبول» أى مدينة الإسلام.

كان سلوك الفاتح عندما دخل «القسطنطينية» ظافرًا؛ سلوكًا مختلفًا

تمامًا عما تقول به شريعة الحرب فى العصور الوسطى، وهو نفى

شعب المدينة المفتوحة إلى مكان آخر أو بيعه فى أسواق النخاسة،

لكن الفاتح قام بما عجز عن فهمه الفكر الغربى المعاصر له من

تسامح ورحمة، فقد قام بالآتى:

- أطلق سراح الأسرى فورًا نظير مقابل مادى قليل يسدد على

أقساط طويلة المدى.

- وأسكن الأسرى الذين كانوا من نصيبه فى المغانم فى المنازل

الواقعة على ساحل الخليج.

- وعندما أبيحت «القسطنطينية» للجنود ثلاثة أيام عقب الفتح، كان

هذا الإذن مقتصرًا على الأشياء غير المعنوية، فلم تُغتصب امرأة ولم

يُمسَّ شيخ ولا عجوز ولا طفل ولا راهب بأذى، ولم تهدم كنيسة ولا

صومعة ولا دير ولا بيعة، مع أن المدينة أُخذت بالحرب ورَفضت

التسليم.

- وكان من حق الفاتح قانونًا - ما دامت المدينة قد أخذت عنوة- أن

يكون هو نيابة عن الجيش الفاتح مالكًا لكل ما فى المدينة، وأن

يحول نصف الكنائس والبيع على مدى زمنى طويل إلى جوامع

ومساجد، وأن يترك النصف الآخر لشعب المدينة على ما هو عليه،

وفى وقفيات السلطان «محمد الفاتح» بنود كثيرة على بقاء أديرة

«جوكاليجا» و «آيا» و «ليبس» و «كيرا ماتو» و «الكس» فى يد

البيزنطيين.

- واعترف لليهود بملكيتهم لبيعهم كاملة، وأنعم بالعطايا على

الحاخام «موسى كابسالى».

- وعين فى سنة (865هـ= 1461م) للجماعات الأرمنية بطريقًا يدعى

«يواكيم» ليشرف على مصالح الأرمن ويوحد صفوفهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015