أهل «القسطنطينية»، ويصف المؤرخ «دوكاس» وهو بيزنطى عاصر
الحادثة دهشته من هذه العملية قائلا: «إنها لمعجزة لم يسمع أحد
بمثلها من قبل ولم ير أحد مثلها من قبل».
وبعد أن فشلت البحرية العثمانية فى إحباط محاولة «جوستنيانى»
دخول الخليج، لم يملك السلطان «محمد» إلا الأمر بالهجوم العام الذى
اشتركت فيه كل القوات العثمانية مرة واحدة، وقبل هذا مباشرة
أرسل السلطان «محمد» إلى الإمبراطور للمرة الثانية - يطلب منه
تسليم المدينة سلمًا حقنًا للدماء، وللإمبراطور أن ينسحب إلى أى
مكان يريده بكل أمواله وخزائنه، وتعهد السلطان «محمد» بتأمين
أهل «القسطنطينية» - فى هذه الحالة - على أموالهم وأرواحهم
وممتلكاتهم، لكن الإمبراطور - بتحريض من الجنويين - رفض هذا
العرض.
وفى (16من ربيع الأول 857 هـ= 26 من مايو 1453م) أراد ملك
«المجر» أن يضغط على السلطان «محمد» فى هذا الوقت الحرج،
فأرسل يقول له: «إنه فى حالة عدم توصل العثمانيين إلى اتفاق مع
إمبراطور «القسطنطينية» فإنه (أى ملك المجر) سيقود حملة أوربية
لسحق العثمانيين، ولم تغير هذه الرسالة شيئًا.
مضى نهار يوم (28 من مايو) هادئًا، وعند الفجر وبعد الصلاة
مباشرة، اتجه السلطان «محمد» إلى مكان الهجوم ومع دوىّ المدافع
الضخمة الذى بدأ، صدر الأمر السلطانى بإخراج العلم العثمانى من
محفظته، وهذا يعنى عند الأتراك الأمر ببداية الهجوم العام.
واستطاعت المدافع أثناء ذلك إحداث فتحة فى الأسوار، ثم اجتاز
الجنود العثمانيون الخنادق المحفورة حول «القسطنطينية» واعتلوا
سلالم الأسوار، وبدأ الجنود يتدفقون على ثلاث موجات، اشتركت
«الإنكشارية» فى الثالثة منها، فاضطر «قسطنطين» أن يدفع بقواته
الاحتياطية التى كانت مرابطة بجوار كنيسة الحواريين «سانت
أبوترس» (مكان جامع الفاتح بعد ذلك) لتدخل المعركة، وما لبث أن
أطلق جندى عثمانى سهمه فأصاب القائد «جوستنيانى» إصابة