عندما يهل الإنسان على مدينة الزهراء، وقد أراده «عبدالرحمن»
على هذه الصورة؛ ليتمكن من رؤية السفراء والملوك وهم مقبلون من
بُعد، ثم وَهُم صاعدون إلى القصر، وقد سميت الرحبة التى أقيم فيها
البهو الرئيسى باسم «السطح الممرد»، وجعل أمام بهو الاستقبال
حوض للسباحة، مصنوع من الرخام حفر له فى الأرض، وزين بالتماثيل
وقد تم جلبه من القسطنطينية وقد ضاعت معالم هذا القصر أثناء محنة
الفتنة والصراع على الخلافة ويحاول علماء الآثار منذ سنة (1328هـ =
1910م) العثور على شىء من معالم هذا القصر، وإعادة إقامة بعض
منشآته وخاصة بهو الاستقبال.
وبناء هذه المدينة والقصر يعكس رخاء الأندلس ونهضة الفن المعمارى
بها آنئذ، ووصل ازدهار قرطبة إلى أعلى درجاته فوصل عدد دورها
إلى 113 ألف دار بلغ مجموع قاطنيها مليونًا ومائة وثلاثين ألفًا،
ومما يدل على كثرة سكان العاصمة أن عدد الحمامات بها بلغ
ثلاثمائة حمام، وعدد مساجدها ثلاثة آلاف.
وقد بلغت إيرادات الأندلس نحو 5.5 مليون دينار من الكور والقرى ومن
الأسواق ونحوها 765 ألف دينار قسمت ثلاثًا: ثلث للجند، وثلث للبناء،
وثلث يدخر للطوارئ.
الزيادة فى المسجد الجامع:
أمر الناصر بإضافة زيادة ثالثة إلى المسجد الجامع فى قرطبة سنة
(346 هـ = 957م)، وقد ضاعفت هذه الزيادة حجم المسجد فى الاتجاه
الجنوبى، وقد تم بناء الزيادة على طراز بقية المسجد نفسه من حيث
الأقواس ومواد البناء.
وعُد محراب هذه الزيادة فى المسجد آية من آيات الفن الأندلسى ذلك
أنه ليس محرابًا بل غرفة من الرخام سقفها قطعة واحدة منه فى هيئة
محراب، ووسط هذا المحراب كرسى يوضع عليه المصحف الشريف
يستخدمه القارئ فى تلاوة القرآن الكريم قبل الصلوات.
وكان «عبدالرحمن الناصر» قد هدم منارة المسجد القديمة سنة
(340هـ = 951م)، وجعل له منارة تميزت بفخامتها وارتفاعها
الشاهق، وكانت مربعة الواجهات، ولها 14 شباكًا، وسلمان للصعود