وبعد أن تولى «عمر بن عبدالعزيز» الخلافة عزل «الحر» عن ولاية
الأندلس، لاضطراب النظام فى آخر عهده.
السمح بن مالك الخولانى:
كانت الأندلس تابعة لإفريقية من الناحية الإدارية، فلما ولى «عمر بن
عبدالعزيز» جعلها تابعة للخلافة مباشرة لأهميتها واتساعها، وأقام
عليها «السمح ابن مالك الخولانى» سنة (100هـ = 719م)، غير أن
تبعية «الأندلس» لإفريقية عادت مرة أخرى فى عهد «يزيد بن
عبدالملك».
ويعد «السمح» من خيرة ولاة «الأندلس»، فضلا وصلاحًا وكفاءة
وقدرة؛ حيث نظم شئون البلاد، وأعاد بناء القنطرة التى كانت مقامة
على الوادى الكبير، وكانت قد تهدَّمت ولم يعد الناس يستطيعون
العبور إلا فى السفن، وكان العرب فى أمسِّ الحاجة إلى قنطرة متينة
يستطيعون العبور إليها من الجنوب إلى عاصمتهم الجديدة، كما أعاد
الأمن والاستقرار إلى البلاد لحسن سياسته، وحمله الناس على طريق
الحق، ورفقه بهم.
ولم يكن «السمح بن مالك» كفءا من الناحية الإدارية فحسب، بل كان
أيضًا قائدًا عسكريا ممتازًا قام بحملة شاملة، اخترقت «جبال البرت»
من الشرق، وسيطر على عدد من القواعد هناك، واستولى على
«سبتمانيا» وأقام حكومة إسلامية بها فى هذا الوقت المبكر، واتخذ
من «أربونة» قاعدة للجهاد وراء «البرت»، وقد استشهد فى معركة
مع النصارى عند «تولوز» فى يوم عرفة من سنة (102هـ = 721م)،
فتولى القيادة «عبدالرحمن بن عبدالله الغافقى»، وأقر واليًا للأندلس
حتى يأتى الحاكم الجديد.
عنبسة بن سحيم الكلبى:
قدم إلى الأندلس فى (صفر سنة 103هـ = 722م)، وكان كالسمح بن
مالك صالحًا قويا، فأنفق وقته فى تنظيم الإدارة، وضبط النواحى،
وإصلاح الجيش، وإعداده لغزوات جديدة، وقد عبر «عنبسة» بجيوشه
«جبال البرت»، وتمكن من بسط سلطان المسلمين فى شرقى جنوب
فرنسا، وفى أثناء عودته داهمته جموع من الفرنجة، فأصيب فى
المعركة، ثم توفى سنة (107هـ = 725م).