وقد تدفق أدباء «الأندلس» وغيرهم على البلاط الموحدى؛ حيث
العطايا والمنح، وبرزت مجموعة من الشعراء منهم: «أحمد بن
عبدالسلام الجراوى»، و «أبو عبدالله محمد بن حبوس» من أهل
«فاس»، و «أبو بكر بن مجبر» من «شقورة»، وغيرهم كثير. وكانت
أبرز أغراض الشعر آنذاك هى الوصف والغزل والمدح.
حرص خلفاء الموحدين على تزويد أنفسهم من مختلف الثقافات، لدعم
موقف دولتهم، التى قامت على أساس دينى، ولذا تنوعت ثقافة
الخليفة «عبدالمؤمن»، وأجاد فى علوم الفقه والجدل والأصول، كما
حفظ الأحاديث النبوية، وأحاط بالنحو واللغة، والأدب، والتاريخ، وعلم
القراءات، والأنساب، وتنوعت ثقافة ابنه «يوسف»، حيث حظى بقسط
وافر من العلوم المختلفة حين كان واليًا من قِبل أبيه على «الأندلس»،
وكذلك كان «المنصور» عالمًا بالحديث والفقه واللغة.
أما طبقات الشعب فقد قامت المؤسسات التعليمية بتثقيفهم، سواء
بالمكتب أو الرباط أو المسجد أو المدرسة، وقد قامت المدرسة التى
أسسها الخليفة «عبدالمؤمن» بدور فعّال فى إثراء ثقافة طبقات
الشعب؛ إذ جمعت هذه المدرسة بين الدراستين النظرية والعملية.
وكان أبرز علومها النظرية هى: حفظ القرآن وتدريسه، ودراسة
«موطأ تومرت»، وحفظ «صحيح مسلم»، أما العلوم العملية، فكانت:
ركوب الخيل والرمى بالسهم والقوس، وتعليم السباحة فى بحيرة
صنعت من أجل ذلك بالمدرسة.
المكتبات:
سبقت الإشارة إلى ازدهار التأليف وكثرة عدد المكتبات العامة
والخاصة التى ازدحمت بمئات الكتب فى شتى فنون المعرفة بدولة
المرابطين، فلما قامت «دولة الموحدين»، أولى خلفاؤها هذا المجال
عنايتهم، وجمعوا الكتب من كل مكان، وحرصوا على اقتنائها.
وكانت هناك المكتبات العامة والخاصة إلى جانب مكتبات المساجد
والمدارس والزوايا، فضلا عن مكتبة الخزانة العلية التى أنشأها خلفاء
الموحدين، وزودوها بالكتب والمراجع من مختلف العلوم والفنون