اختيار موظفين من أصحاب المواهب الفريدة والخبرات المتميزة فى
تخصصاتهم، فنجحت سياسة الدولة المملوكية فى تسيير شئون
البلاد، وتيسير مصالح الناس وحاجاتهم إلى حد كبير.
النظام القضائى:
تعهد «الظاهر بيبرس» النظام القضائى بالإصلاح والتعديل، ورأى فى
تقسيم مناصب القضاء بين قضاة المذاهب الأربعة ما يضمن العدالة بين
الناس، والتيسير عليهم، فقد عين فى سنة (663هـ) أربعة قضاة
يمثلون المذاهب الأربعة، وكتب لكل منهم تقليدًا، وأجاز لهم أن يولوا
نوابًا عنهم فى أنحاء البلاد.
امتد اختصاص قاضى القضاة، وقضاة الأقاليم، وزاد نفوذهم، وامتد
فتناول النظر فى الدعاوى التى تتضمن إثبات الحقوق والحكم
بإيصالها إلى أصحابها، كما نظر فى الأموال التى ليس لها ولى
معين، وكذلك تناول تعيين أوصياء لليتامى، وتفقد أحوال المحجور
عليهم من المجانين والمفلسين وأهل السفه، ونظر -أيضًا - فى وصايا
المسلمين، وكان القضاة ينظرون فى مصالح الأوقاف، ويعملون على
حفظ أصولها وتثبيت فروعها، وقبض ريعها وإنفاقه فى مصاريفه،
وكذلك كانوا يقبضون المال الموصى به لتنفيذ الوصية، وعهد إليهم
بتسلم أموال المواريث المتنازع عليها، وأموال مَنْ يموتون غرباء
وحفظها حتى يحضر ورثتهم.
وانحصرت سلطة القضاة الأربعة ونوابهم على المدنيين، بينما كان
للجيش المملوكى ثلاثة قضاة عُرف كل منهم باسم: «قاضى العسكر»،
واختصوا بشئون العسكر للفصل فى القضايا الخاصة بهم، أو التى
بينهم وبين المدنيين، وكانت جلسات القضاء فى دولة المماليك تعقد
علانية ويحضرها مَنْ شاء من الناس، وكانت المساجد مكان انعقاد
هذه الجلسات، كما كانت دور القضاء الخاصة مكانًا لها أحيانًا؛ إذا لم
يكن هناك دور معينة لانعقادها، فإذا جلس القاضى للفصل فى
الخصومات رتب القضايا بحسب حضور الخصوم؛ حتى لا يتقدم أحد
على الآخر لمكانته أو ثرائه، وكان يستعين على تنظيم قاعة الجلسة