الجزء الرابع
تأليف:
أ. د. عصام الدين عبد الرؤوف
أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة
أ. د. محسن جمال الدين
أستاذ اللغات الشرقية بجامعة عين شمس
الفصل الأول
كانت الدولة العباسية آنذاك تحت حكم الخليفة «الناصر لدين الله»
الذى حكم فترة طويلة امتدت من سنة (575هـ) حتى سنة (622هـ)،
وعلى الرغم من طول هذه المدة التى لم تتح لخليفة قبله، فإنه لم
يستغلها استغلالا حسنًا فى صالح دولته وما ينفع الناس، حتى وصفه
«ابن الأثير» بقوله: «كان قبيح السيرة فى رعيته، ظالمًا، فخرب
العراق فى أيامه، وتفرق أهله فى البلاد وأخذ أملاكهم وأموالهم»،
وإلى جانب ذلك لم يعمل على توحيد الصف بين الإمارات الإسلامية،
فأشعل الفتنة بينها وألَّب بعضها على بعض.
ولم يكن نفوذ الخليفة العباسى قويا إلا على «بغداد» والمنطقة
المجاورة؛ حيث كانت المنطقة الشمالية من العراق فى أيدى أتابكة
«الموصل»، وباقى «العراق» الغربى خاضعًا للسلاجقة، على حين
سيطر الأيوبيون ومن بعدهم «المماليك» على «مصر» وأجزاء كبيرة
من «الشام» و «فلسطين».
وفى المشرق كانت السيادة هناك لدول «الأتابكة»، و «الغور»،
والخوارزمية، والإسماعيلية، وأصبحت سلطة الخليفة رمزًا روحيا
محدودًا، لا يتدخل فى شىء إلا إذا طلب منه التدخل للتصديق على ما
يطلب منه فحسب.
وتُوفى الخليفة «الناصر لدين الله» فى أواخر رمضان سنة (622هـ)
بعد أن شهدت خلافته سقوط دولة السلاجقة، وظهور قوة المغول
بزعامة «جنكيزخان واكتساحهم بلاد «ما وراء النهر» و «خراسان»
وإسقاطهم للدولة الخوارزمية وزحفهم نحو «الجزيرة» و «العراق»
و «الشام» وتهديدهم للعالم الإسلامى.
وتولى الخلافة بعد «الناصر لدين الله» ابنه «الظاهر بأمر الله»، لكن
خلافته لم تطل، إذ تُوفى فى (14 من رجب سنة 623هـ)، وتولى بعده
ابنه «المستنصر بالله»، وفى عهده تصاعد الخطر المغولى وأصبح
على مشارف العراق، وبعد وفاته فى جمادى الآخرة سنة (640هـ)
بويع لابنه «المستعصم بالله»، وهو آخر الخلفاء العباسيين فى
العراق.
الخوارزميون:
أولاً: محمد خوارزمشاه وأطماعه فى الدول المجاورة: