لقوة تأثير هذا الكتاب قال البعض: «من لم يقرأ الإحياء فليس من

الأحياء.

وقد حظيت العلوم الطبية والرياضية والفلكية والطبيعية بنصيب وافر

من العناية والدراسة فى هذا العصر الحافل بالعطاء الحضارى. بل إن

فن الموسيقى أيضًا وجد له مجالاً من الاهتمام. والملاحظ أن الفلاسفة

العظام، أمثال الفارابى وابن سينا، كانوا يحذقون الطب والرياضة

والفلك بل والموسيقى أيضًا.

ويعتبر «أبو بكر محمد بن زكريا الرازى» أعظم الأطباء المسلمين فى

هذا العصر على الإطلاق. وله كتاب «الحاوى» فى الطب، الذى يمكن

اعتباره عمدة هذا العلم فى العصور الوسطى فى الشرق والغرب.

وقد حظى الرازى برعاية ملوك الدولة السامانية، وتوفى فى حوالى

سنة (320هـ = 932م)، أما «ابن سينا» فقد كتب «القانون» فى

الطب، وهو الذى كان مع كتاب «الحاوى» للرازى من الأسس المهمة

التى اعتمدت عليها أوربا فى عصر النهضة.

وبعد هذه اللمحة الموجزة عن أهم جوانب النهضة الثقافية فى العصر

العباسى الثانى نستطيع أن نقول: إن هذه النهضة كانت متكاملة

الجوانب، وهذا هو شأن الحضارات العظيمة، فالحضارة روح تعود

بالصحة والعافية على جسد الأمة كله فتتوازن فيه ملامح الاكتمال،

وقد كان أبرز ما يميز تلك الفترة هو الرغبة العارمة فى العلم

والتعطش للمعرفة، ومن هنا وجدنا أصحاب الثقافات الموسوعية الذين

أشرنا إلى بعضهم، والملاحظ أن حب العلم والتنافس فى سبيله جعل

الحكام والأمراء يحتضنونه وينصبون من أنفسهم حماةً له.

وهكذا ظهرت مجالس العلم المعروفة على يد قادة أمراء وجدوا فى

هذا النشاط سُلَّمًا للمجد والسؤدد، والأمثلة على ذلك كثيرة، فهذا

سيف الدولة الحمدانى يجعل من مجلسه محفلاً للعلماء والأدباء

والشعراء، وهذا عضد الدولة البويهى يفعل الشىء نفسه، وفعل ذلك

أيضًا السلطان محمود الغزنوى، ونظام الملك أعظم وزراء السلاجقة،

وغيرهم، وكل هذا عاد بالخير العميم على الحركة الثقافية فى هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015