(302هـ= 914م) فى خلافة المقتدر، وتاريخ الطبرى منجم غنى
بالمعلومات حافل بالروايات المختلفة التى تقدم المادة الأساسية
للباحث، وهناك إجماع فى الشرق والغرب على أن هذا التاريخ يعدُّ
عمدة الباحثين فى التاريخ الإسلامى فى القرون الثلاثة الأولى
للهجرة.
ومن أعلام المؤرخين الذين ظهروا فى القرن (3هـ= 9م) أيضًا - بجانب
الطبرى - ابن قتيبة (عبدالله بن مسلم) المتوفى سنة (276هـ = 889م).
وقد أشرنا إليه قبل ذلك عند حديثنا عن الموسوعات الأدبية، ومن
أبرز الأعمال التاريخية التى تركها لنا ابن قتيبة كتاب «المعارف»،
وينسب إليه أيضًا كتاب «الإمامة والسياسة».
كما ظهر اليعقوبى أيضًا، وهو أحمد بن أبى يعقوب ابن واضح
المتوفى نحو سنة (278هـ = 891م)، وكتابه المعروف ب «تاريخ
اليعقوبى» من المصادر التاريخية الأساسية فى تلك الفترة، وهو يقع
فى مجلدين، يتناول المجلد الأول التاريخ القديم حتى ظهور الإسلام،
ويتناول الثانى تاريخ الإسلام حتى سنة (259هـ = 873م) فهو يغطى
ثلاث سنين من خلافة المعتمد على الله، وبجانب التأليف التاريخى
ألف اليعقوبى فى الجغرافيا كتابًا ذائعًا هو «البلدان» الذى يعد من
أقدم مصنفات التراث الجغرافى العربى.
وقد برز أيضًا من مؤرخى تلك الفترة - وهى فترة نفوذ الأتراك فى
العصر العباسى الثانى - أحمد بن يحيى البلاذرى وأبو حنيفة
الدينورى. أما البلاذرى فقد كان مقربًا للخليفتين المتوكل
والمستعين، وتوفى فى حدود سنة (279هـ = 892م)، ويعد كتابه
«فتوح البلدان» من أوثق الكتب التى تحدثت عن تاريخ الفتوح
الإسلامية منذ ظهور الإسلام حتى عصره، وهو يتميز بدقته فى
الأسلوب وموضوعيته فى العرض والبعد عن الحشو، وهو من بين
المصادر التى تحتل قيمة خاصة فى هذا الجانب، وللبلاذرى كتاب آخر
معروف هو «أنساب الأشراف»، وهو يقدم مادة تاريخية غزيرة فى
صدر الإسلام والعصر الأموى والعباسى الأول من خلال أنساب الرجال