الحمَّام مكان يغتسل فيه الناس. وقد عُرِفت الحمامات العامة منذ
القدم عند بعض الشعوب ذات الحضارات القديمة، لاسيما الرومان،
على أن شهرتها ارتبطت بالتاريخ الإسلامى؛ حيث كانت من
الأبنية العامة التى انتشرت فى جميع المدن؛ وذلك نظرًا لأهميتها
فى التطهر والنظافة، بالإضافة إلى تعاليم الإسلام التى تدعو
إلى التطهر والتطيب، ومناخ منطقة الشرق الأوسط الحار. وكان
يراعى فى بنائها أن تُصمم بحيث تتيح للمغتسِل أن ينتقل
تدريجيًّا من الجو الحار إلى الجو البارد؛ حتى لايصاب بأذى.
وكان الحمَّام يقسَّم إلى ثلاثة أقسام، حسب درجة حرارة المياه،
ويسخن عن طريق إيقاد النار تحت أرضيته، ويشتمل على أنابيب
الماء الساخن والبارد داخل الجدران. وخصصت حمامات للرجال،
وأخرى للنساء، وقد تحددت أيام للسيدات، وقد احتوت القصور
والمساكن الخاصة على حمامات أيضًا، ولكنها تختلف من حيث
هيئتها وتصميمها عن الحمامات العامة. ولم تكن الحمامات فى
المدن الإسلامية أقل أهمية من المساجد والمكتبات والخانات
والأسواق، وقد أولى العلماء والأطباء المسلمون الحمَّام عناية
كبيرة؛ فأورده بعضهم ضمن موارد مؤلفاتهم، كما فعل داود
الأنطاكى وأبو حامد الغزالى وغيرهما. وقد انتشرت الحمامات
وتعددت فى جميع الأمصار، وذكر هلال الصابئ المتُوفَّى سنة
(448هـ) أن عدد الحمامات فى بغداد وصل فى زمانه إلى أكثر
من (120) ألف حمَّام، وكان فى مصر زمن الفاطميين (1170)
حمامًا حسب إحصاء على مبارك لها فى الخطط التوفيقية. وكان
الحمَّام يتألف من عدة غرف، الأولى تستقبل الداخل، وفيها يخلع
ملابسه، ويتعهد الحمامى بحفظها، ثم ينتقل منها إلى غرفة
البخار، وهى مكسوة بألواح الرخام، وفيها ينتظر المستحم حتى
يتصبب عرقًا، ثم ينتقل إلى غرفة الغطس، وتشتمل على مياه
دافئة وباردة، وفيها يقوم المدلك بإزالة الأوساخ عن الجلد، مع
تدليك أعضاء الجسم قبل الاغتسال ثم تجفيف الجسم واحتساء