الجزء الثالث
تأليف:
أ. د. حسن علي حسن
أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة القاهرة
د. عبد الرحمن سالم
مدرس التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة القاهرة
الفصل الأول
ينتسب خلفاء «بنى العباس» إلى جدهم «العباس بن عبد المطلب» عم
النبى - صلى الله عليه وسلم -، الذى عاش فى «مكة» وأسلم بها،
وكانت له مكانته عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد أنجب «العباس» عددًا من الأبناء، أشهرهم: «عبد الله بن عباس»
الذى أُطلق عليه «ترجمان القرآن» و «حَبْر الأمة» لسعة علمه وحدة
ذكائه.
ترك «عبد الله» كثيرًا من الأبناء منهم «على بن عبد الله»، الذى يُقال
له «السجَّاد»؛ لكثرة عبادته، وأنجب «السجاد» أولادًا كثيرين،
أشهرهم «محمد بن على»، الذى نظم الدعوة العباسية وخرج بها إلى
حيز الوجود، وأحاط تحركاته بجو من السرية والكتمان، حتى أطلق
على المرحلة التى مرت بها الدعوة العباسية فى عهده «المرحلة
السرية»، وتمتد من سنة (100هـ= 718م) إلى سنة (129هـ= 746م)،
وتحركت الدعوة فيها من ثلاثة أماكن هى:
1 - الحميمة: وهى قرية صغيرة منعزلة فى جنوب «الشام»، اتخذتها
الأسرة العباسية مقرا لها.
2 - الكوفة: وتعد المركز الرئيسى لنشاط الدعاة العباسيين، وتتوسط
بلاد «الشام» و «العراق» و «خراسان».
3 - خراسان: حيث نجح الدعاة العباسيون فى اجتذاب الآلاف إليهم.
وبدأت الدعوة بجماعة تُسمَّى «النقباء»، قاموا بتكوين «مجلس
شورى» برئاسة «سليمان بن كثير الخزاعى»، وكان مركز الدعوة
فى «الكوفة» يتلقى التعليمات من مقر البيت العباسى فى «الحميمة»
ويرسلها إلى أنصار الدعوة فى كل مكان، وخاصة «خراسان».
وعقب وفاة الإمام «محمد بن على» سنة (125هـ= 742م) تولى ابنه
«إبراهيم» - المعروف بالإمام - شئون الدعوة، وقد نشطت فى عهده،
واتخذت اللون الأسود شعارًا لها.
وقد تهيأ للدعوة العباسية أسباب النجاح منذ أن أسندت مهمة
الإشراف على الدعوة فى «خراسان» إلى «أبى مسلم الخراسانى»،
الذى جمع حوله الأنصار والأعوان، وخاض بهم ساحات القتال محققًا
العديد من الانتصارات، وقام بدور مهم فى قيام «الدولة العباسية».